أردوغان يلعب بمصيره في سورية : منافق و مغامر …. غالب قنديل
تظهر التصريحات والمواقف التي واكبت مباشرة الدولة السورية تطبيق وقف النار بموجب المبادرة التي حملها الموفد الأممي كوفي أنان، مدى التصميم الأميركي والغربي والتركي الخليجي على إدامة مناخ التصعيد والضغوط ضد الدولة الوطنية السورية على الرغم مما بات محسوما فيس جميع الدوائر المعنية لجهة عجز الولايات المتحدة وحلفائها عن تطوير الحرب على سورية من خلال الغزو العسكري الأجنبي.
أولا من الواضح ان بيان مجلس الأمن الدولي الذي قام على مبدأ الحل السياسي ووقف العنف كان ثمرة توازن القوى العالمي الجديد الذي أظهرته تفاعلات الأزمة السورية والمواقف الدولية منها بحيث خسرت الولايات المتحدة الموقع المهيمن الذي تحكمت به في الواقع الدولي وخصوصا في مؤسسات الأمم المتحدة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي ، و بالتالي فهي قبلت البيان مرغمة و مارست الكثير من النفاق في إعلاناتها المتكررة عن دعم مهمة أنان من غير ان تقدم الضمانات التي تلزمها مع عملائها في المنطقة بوقف تدفق الأسلحة و الأموال والإرهابيين إلى سورية .
إن عناصر القوة السورية التي أنتجت المعادلات الجديدة وفرضت على الولايات المتحدة والغرب الرضوخ لصيغة البيان الذي هو الإطار المبدئي القانوني والسياسي لمهمة انان، باتت معروفة وواضحة في كل العالم.
ففي سورية رئيس وزعيم يحظى بمساندة الغالبية الشعبية الواضحة بنتيجة ما يعبر عنه من تطلعات شعبية ومن مبادئ ميزت سورية وكونت هويتها الوطنية والقومية عبر توجهه الاستقلالي والتزامه نهج المقاومة ومن خلال تصميمه الواضح على انجاز الإصلاحات بينما يعتمد الغرب مجموعة من القوى الرثة والمتناحرة التي تتواجد في واجهتها تنظيمات وشخصيات متطرفة وتكفيرية وكمية كبيرة من المرتزقة الذين يعتاشون على دماء السوريين منذ اندلاع الأحداث.
أما على الأرض فالعصابات التي يتبناها الغرب ويدعمها وتعتمدها الدول الإقليمية المتدخلة في سورية فهي خليط هجين من القتلة والمجرمين والمرتزقة الذين انفض بعض السوريون عنهم بعدما اختبروا بالوقائع إجرامهم والخطر الكبير الذي يمثلونه على الحياة الإنسانية والوطنية في سورية.
وسورية قوية أيضا بتحالفاتها الدولية والإقليمية المتينة في سياق الصراع الذي خاضته ضد الحلف الاستعماري الغربي وأعوانه في المنطقة.
تماسك الدولة الوطنية والجيش والموقف الشعبي الواضح الداعم لهما شكل الصخرة التي تكسرت عليها موجات الحرب العالمية وقد بلغت الدولة في إدارتها للصراع مرحلة تصفية معاقل الإرهاب والتمرد عشية وقف العمليات العسكرية مع الإبقاء على جاهزية الاستعداد لردع أي اعتداء أو نشاط إرهابي تقوم به العصابات المدعومة من الغرب.
ثانيا بالتوازي مع التشكيك الغربي في جدية التزام الدولة السورية بوقف العمليات القتالية دون التخلي عن الاحتفاظ بما هو حق وواجب على الدولة لجهة سحق أي عمل مخل بالأمن تنطلق المواقف الإقليمية التي تتخذها الدول المتورطة نحو المزيد من التصعيد وأبرز ما يلفت الانتباه هو موقف حكومة الوهم العثماني برئاسة أردوغان وتهديدها بتدخل عسكري في سورية لفرض منطقة عازلة بينما تبدو كل من حكومتي السعودية وقطر مستعدة لشراء التصعيد بأي ثمن.
التكالب التركي الخليجي تدفعه حقيقة التوازنات التي تشير إلى ان الانتصار السوري الحاسم على الحرب العالمية سوف يقيم معادلة جديدة في المنطقة من شأنها ان تضع حكومات الدول الثلاث في مأزق خطير فنهوض القوة السورية من جديد يمثل عنصر إرباك حاسم لهذه الحكومات العميلة للغرب والتي تعرف إلى أي مدى تورطت في الحرب على سورية وسخرت كل ما بيدها من إمكانات لتفعيل نشاط العصابات الإرهابية والمتمردة في سائر أنحاء سورية.
التهديد التركي الذي يجب ان يأخذ على محمل الجد بفعل الحالة الهيستيريا ووضعية انعدام الوزن المعبر عنها بتصريحات حكام أنقرة خلال الأشهر الماضية بفعل الارتباك أمام الوضع السوري واستعصاء تحقيق ما يشتهيه أردوغان ووزير خارجيته داود أوغلو وفشل محاولات تهجير مئات الاف السوريين لتبرير تدخل عسكري في سورية.
ثالثا إن أي تحرش عسكري تقوم به القوات التركية عبر الحدود مع سورية سيشعل حربا كبرى في المنطقة تلك هي الحقيقة التي يعرفها أردوغان وقادة الجيش والمخابرات في تركيا.
ان العوامل التي قد يحركها ركوب أردوغان لرأسه بتمويل وتحريض من السعودية وقطر في فضاء المنطقة وفي المجابهة المباشرة بين تركيا وسورية إذا نفذت أنقرة تهديدها:
1 – داخل سورية ستقود أي مواجهة عسكرية مع الجيش التركي إلى المزيد من التماسك على صعيد الجيش السوري وعلى مستوى الموقف الشعبي الحاضن للدولة وللقوات المسلحة بعدما أظهرت الغالبية الشعبية السورية رفضها لمواقف تركيا العدائية ولأن التحرش العسكري التركي مهما كان عنوانه سيعامل من قبل جميع السوريين على أنه عدوان على الوطن وستنطلق في مواجهته مقاومة نظامية وشعبية واسعة من شأنها إفشال أي محاولة اعتداء عبر الحدود والإمكانات والقدرات الدفاعية التي يملكها الجيش السورية تسمح بتوقع حرب قد تطول بين الدولتين سيحمل مسؤوليتها أردوغان وفريقه الحاكم في تركيا.
2 – ان المواقف الشعبية السورية والخيارات على صعيد جميع الفئات الاجتماعية في سورية ستكون متحفزة في طرح موضوع تصفية الحساب المؤجل مع تركيا وتستحضر جميع نقاط الاختلاف التاريخية التي سبق للدولة السورية ان تخطتها لحساب نهج الانفتاح والشراكة بين الشعبين.
3 – على مستوى الرأي العام العربي سيظهر الرئيس الأسد كزعيم شعبي يدافع عن بلده في وجه عدوان خارجي وأطماع إقليمية تركية بالهيمنة كوكيل معتمد للغرب على البلاد العربية وهذا ما سيؤدي إلى تفعيل الشعور القومي وحركة التضامن مع سورية في دول كتونس ومصر وليبيا واليمن والعراق والبحرين وداخل شبه الجزيرة العربية حيث ستواجه القوى التي ترتبط بحلف العدوان أوضاعا متزايدة الصعوبة وخصوصا فصائل التكفير وتنظيمات الاخوان المسلمين.
4 – العلاقات التركية مع كل من إيران وروسيا ومجموعة البريكس سوف تنتقل إلى مرحلة التصادم وإغلاق فرص التواصل والتعاون وهذا ما سيرتب نتائج أمنية وإستراتيجية واقتصادية على الوضع التركي سيحمل مسؤوليتها اردوغان بنتيجة مسؤوليته عن المغامرة الطائشة.
5 – داخل تركيا سوف يحرك أي عمل عدواني يقوم به أردوغان ضد سورية معسكر المعارضة المتحفز والذي باشر نضالاته ضد حكومة أردوغان وسياستها في سورية منذ أشهر ومن شأن ذلك ان يحول المعارضة إلى كرة ثلج كبيرة قد تهدد الحزب الحاكم في داخله بصراعات وانشقاقات بالإضافة إلى طرح مبدأ استمراره في الحكم.
6 – ان البعد الكردي في أي مغامرة تركية ضد سورية سيكون حاضرا بعد الموقف الواضح الذي اتخذه حزب العمال الكردستاني بتعهده مقاتلة القوات التركية التي ستغزو سورية في المناطق الكردية من تركيا لمنعها من التقدم وهذا ما يعني عودة الحرب المفتوحة بين الحزب والقوات التركية.
هذه المعادلة تشكل سدا منيعا في وجه المغامرة وأردوغان يدخل في اللحظة الحرجة فان نفذ تهديده سيحمل مسؤولية خراب كبير يرتد عليه وقد يطيح به وان لم ينفذ كما حصل في تهديداته السابقة تتأكد صورته كدجال ومنافق يعمل في خدمة المخطط الاستعماري الصهيوني الهادف لتدمير القوة السورية وللهيمنة التركية الغاشمة على الدول العربية بواسطة تنظيم الاخوان المسلمين وبأموال السعودية وقطر.