أساليب التنشئة الاجتماعية غير السوية تجاه الأطفال المعاقين عقلياً
د.سماح محمد لطفي عبداللطيف
يتعرض الأطفال المعاقون عقلياً إلي العديد من أساليب التربية والتنشئة الاجتماعية غير السوية فى البيئة الأسرية والمدرسة وتتفاوت هذه الأساليب من العنف والإساءة البدنية والنفسية إلي إهمال المعاق عقلياً ونبذه انفعالياً ونفسياً.
وتعد الإساءة للأطفال واحدة من أخطر الظواهر التي تجتاح أي مجتمع من المجتمعات، وتعد الإساءة الموجهة ضد الطفل المعاق من أخطر أنواع الإساءات الموجهة للأطفال نظراً لما لها من آثار سيئة عليه حيث يتحول الطفل إلي موضوع لعدوانية الكبار جسمياً وانفعالياً مما ينعكس سلباً على صحته النفسية حيث يتحول إلي الجنوح والعدوانية( 1)
هذا ويتعرض الطفل إلى أنماط من الإساءة داخل نطاق الأسرة حيث يعرف العنف الأسرى على أنه استعمال القوة المفرطة ضد أحد أفراد الأسرة بالقدر الذي يسبب الأذى الجسيم أو الموت ، والعنف الأسرى على هذه الشاكلة لا تقره الشرائع السماوية ولا القوانين الوضعية ولم تعرفه تقاليد المجتمعات العربية القائمة على أساس الأسر الممتدة التي تربط بين أفرادها المحبة والاحترام المتبادل وفي ظل متغيرات العولمة أصبحنا جزءا من المنظومة الكلية للمجتمع الدولي ، فالأسرة العربية أخذت طريقها إلى الانفتاح على العالم الخارجي من خلال الدراسات التي تنتشر عن العنف الأسرى في المجتمعات العربية ، وتشير كثير من الدراسات إلى ارتفاع معدلات العنف الأسرى في المجتمع العربي ورغم ذلك نجد أن الإحصائيات المنشورة عن العنف الأسرى لا تشكل كل النسب الحقيقية وهذا يعود لعدة أسباب منها: أن المجتمع العربي مجتمع محافظ ومترابط يهتم بسمعة العائلة ورد الفعل الاجتماعي على أي تصرف سلبي يحدث في الأسرة حتى لو وصل إلى حد العنف وبالتالي تستطيع الأسرة خاصة رب الأسرة احتواء أي بوادر للعنف الأسرى ويتم حل المشكلة دوما بحيث لاتصل إلى علم السلطات ولا تسجل فى السجلات الرسمية ( 2).
وقد أكدت دراسات متعددة علاقة الارتباط بين الإعاقة والعنف ففى دراسة حديثة حول العنف الذي يتعرض له المراهقين فى عينة من المجتمع فى محافظة بنى سويف أجرتها منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع كلية الطب ووزارة الصحة والسكان , تمت دراسة إنتهاك المراهقين بدنيا وعاطفيا وجنسيا في عينة مختارة عشوائيا في بني سويف خلال عام 1998 , و العينة تتألف من 555 من طلاب المدارس بعمر وسطى مقداره 15.6 سنة, وقد أجرى لكل مراهق فحص طبي حيث بلغ معدل انتشار انتهاك المراهقين 36.6 % وكان معدل الانتهاك العاطفي 12.3% ,والجسدي 7.6 % , والجنسي 7.0 % والانتهاك المتعدد 9.7 % , أما عن أسباب الإنتهاك الجنسي فكانت : الطفل المفرط النشاط , الطفل المعاق , الأم اللا مبالية ، تأخر ترتيب الطفل في قائمة أشقائه في الأسرة والطفل المهزول . أما عن أسباب الانتهاك الجسدي فكانت عدم مبالاة الأم، ودرجة تعليم الأم ، والإصابات, في حين كانت أسباب الانتهاك العاطفي هي: الازدحام ، والمرض وسوء المعاملة من قبل المعلم , وقد أبلغ عن سلوك يتسم بالعنف في أكثر من 20 % من المراهقين الذين تعرضوا لانتهاك عاطفي أو جنسي. وتوصى الدراسة انه علي أرباب المهن الطبية في البلدان النامية إعداد إستراتيجية فعالة للتدخل في أمثال هذه الحالات ( 3).
وتوجد العديد المداخل النظرية التي تفسر العنف ويهمنا منها نظرية الحرمان البيئي حيث ترى هذه النظرية أن البيئة التي لا تشبع احتياجات أفرادها ينتج عنها شعور بالحرمان يدفع الأفراد دفعا نحو العنف فمثلا هناك كثير من المناطق تعاني من الحرمان البيئي ويمكن على سبيل المثال ملاحظة أن صعيد مصر كبيئة تعاني من الحرمان مقارنة بالوجه البحري في كثير من الخدمات والمرافق والاستثمارات ولذلك انتشر العنف في الصعيد أكثر من الوجه البحري (4 ) .