في شارع الحضارة الرئيسي في قلب مدينة حمص السورية، تضيق الجدران باللافتات الانتخابية استعدادا للانتخابات التشريعية التي ستجري الاثنين.
يقول حسام (24 عاما) الذي يقطن في حي الحضارة ذي الغالبية العلوية "ساصوت لانني اؤيد الاصلاحات التي عرضها الرئيس بشار الاسد لمكافحة الفساد خصوصا. انا واثق بان مجلس الشعب الجديد سيتصدى لهذه الافة".
في ساحة الحي، يؤدي فتيان وفتيات الدبكة التقليدية في بادرة "شكر" الى الرئيس السوري لاجرائه الانتخابات.
ولكن على بعد بضعة كيلومترات من هذا المكان، وتحديدا في حي البياضة الذي عاود الجيش النظامي السوري السيطرة عليه، لن يتوجه احد الى صناديق الاقتراع، فالحي مقفر تماما ويحمل كل منزل اثار العمليات العسكرية التي يشنها الجيش منذ اذار/مارس.
ولا يصادف الداخل الى حي البياضة ذي الغالبية السنية سوى الهررة وطيور الحمام التي تنقر ما خلفه السكان خلال فرارهم.
هنا، اشجار محطمة وابواب مخلعة. ويقول ابو شاكر (27 عاما) "لن تجري انتخابات هنا" مشيرا الى الدمار الذي يحوطه. ويضيف هذا النجار فيما يملا شاحنته بلوازم نقلها من منزله "عن اي انتخابات تتكلمون؟ اين السكان؟ ارفض كل ذلك ما دمنا غير قادرين على العودة الى بيوتنا".
وهذه الانتخابات التشريعية هي الاولى "التعددية" وفق النظام منذ الغاء المادة الثامنة من الدستور التي نصت على الدور القيادي لحزب البعث في سوريا، وذلك بعد استفتاء اجري في شباط/فبراير الفائت.
نظريا، الاحزاب الجديدة بات مسموحا لها بممارسة نشاط سياسي، لكن المعارضة السورية تندد بما تعتبره "مهزلة" انتخابية وتصر على المطالبة باسقاط نظام بشار الاسد.
في محافظة حمص، يتنافس اكثر من 450 مرشحا على 23 مقعدا برلمانيا. ونصف هؤلاء يمثلون احزابا فيما يخوض النصف الاخر المعركة كمستقلين.
تؤكد سميرة (52 عاما) التي تقطن في حي الحضارة انها ستصوت "من اجل الامن" و"ضد الفساد"، وتقول "لا اريد تغيير النظام بل تغييرا داخل النظام لانني ادعم الرئيس".
وتضيف "هناك بالتاكيد فساد في سوريا وعلينا ان نتحرك للتخلص منه. آمل في ان يسود الامن مجددا. قبل ذلك، كنا نستطيع الخروج مساء. انظروا الان، الشوارع خالية بسبب الخوف من الارهابيين. لكننا سنعيد بناء البلاد مع الرئيس".
تشكل محافظة حمص قلب البلاد الصناعي وتعد 2,3 مليون نسمة يقيم اكثر من مليون منهم في مدينة حمص. وعلى غرار العاصمة دمشق، يصادف المرء هنا غالبية سنية واعدادا كبيرة من العلويين والمسيحيين.
لكن هذا النسيج الطائفي المتعدد تعرض للتمزق مع اندلاع الحركة الاحتجاجية ضد النظام في اذار/مارس 2011 وتعرضها لقمع دام اسفر وفق ناشطين عن اكثر من 11 الف قتيل.
في قرية الفيروزة المسيحية عند اطراف حمص، اقام المهندس غصوب سليمان خليل (40 عاما) مكتبه الانتخابي.
يقول هذا المرشح الذي انضم الى لائحة شكلها عناصر سابقون في البعث ان "البلاد تشهد ازمة كبيرة مع انتشار الافكار السلفية التي عززها الفساد. هناك ايضا عصابات مسلحة. سنحارب الفساد والافكار السلفية".
لكن ضابطا في الجيش السوري الحر الذي يضم منشقين عن الجيش النظامي ولا يزال يسيطر على بعض احياء حمص، يؤكد ان "مجلس الشعب هذا سيكون مجلس كذابين، ولن اصوت سوى لمجلس منبثق من دم الشهداء".
ويقر محافظ حمص الضابط المتقاعد غسان عبد العال بان المشاركة ستكون "ضعيفة جدا في مدينة حمص لان كثيرا من سكانها غادروها". ويلفت الى ان "عددا كبيرا ممن لا يزالون فيها يعيشون في ظروف صعبة، والانتخابات ليست اولوية".