تؤكد دراسة حديثة أنه رغم مرور عقدين تقريبا على انطلاق حملة الصحة العامة لتشجيع النوم الآمن للرضع، لا يزال الكثير من الآباء والقائمين على رعاية الأطفال غير مدركين للعادات التي من الممكن أن تؤدي للوفاة نتيجة حدوث متلازمة وفاة الرضيع المفاجئة (Sudden Infant Death Syndrome) المعروفة اختصارًا بـ«إس آي دي إس» SIDS.
انخفضت حالات الوفاة الناجمة عن تلك المتلازمة، أي تلك الحالات التي لا يمكن فيها أن يكون هناك أي سبب آخر للموت المفاجئ للرضع، بشكل كبير بعد عام 1994 بعد تدشين حملة الصحة العامة تحت شعار «العودة إلى النوم» التي حذرت الآباء من خطورة وضع الرضع على بطونهم لكي يناموا. وانخفض معدل الوفاة نتيجة تلك المتلازمة في الولايات المتحدة الأميركية إلى 50 في المائة خلال العشرة أعوام التي أعقبت إطلاق تلك الحملة.
وعلى الرغم من استقرار معدل الوفيات الناتجة عن متلازمة وفاة الرضيع المفاجئة في الآونة الأخيرة، لا تزال تلك المتلازمة هي السبب الرئيسي لوفاة الأطفال بين عمر 28 يوما و12 شهرا في البلاد.
متلازمة الوفاة المفاجئة
* wويقول الدكتور هنري كروس، مدير مشروع أبحاث سان دييغو حول متلازمة وفاة الرضيع المفاجئة في مستشفى رادي للأطفال: «يعد انخفاض تلك المعدلات أمرًا مهمًا، حيث إن خسارة رضيع يبدو بصحة جيدة أمر مرعب، بل لعله أكبر مأساة في الحياة، من وجهة نظري».
وقام كروس وزملاؤه بتحليل كافة حالات الوفاة المفاجئة للأطفال الرضع في مقاطعة سان دييغو بين عامي 1991 و2008. ووصل معدل الوفاة نتيجة متلازمة وفاة الرضيع المفاجئة في بداية تلك الفترة عام 1991، إلى نحو 1.34 حالة وفاة لكل ألف مولود في مقاطعة سان دييغو، ثم انخفض هذا المعدل بحلول عام 2008 إلى 0.64 حالة وفاة لكل ألف مولود، وذلك طبقا للدراسة الجديدة التي تم نشرها في «مجلة طب الأطفال».
الأمر اللافت للنظر هو أنه من بين كل ثلاثة أطفال رضع توفوا بهذه المتلازمة، هناك رضيع واحد تم وضعه في وضعية الانبطاح - على بطنه والوجه للأسفل - لكي ينام.
وهناك أمور من ضمن عوامل الإصابة بالمرض، مثل عدم النوم في سرير مستقل، ووضع الرضع وحدهم في سرير شخص بالغ، حيث إن 38 في المائة من الرضع الذين وافتهم المنية كانوا ينامون في سرير غير خاص بهم في وقت الوفاة، بينما تم وضع 45 في المائة منهم في سرير شخص بالغ للنوم. ويحذر الخبراء من أن مراتب وأغطية الفراش لأسرة الأشخاص البالغين غالبًا ما تكون أكثر ليونة من أسطح أسرة الأطفال، مما قد يشكل ضغطًا في اتجاه الداخل مما يتسبب في اختناق الرضيع.
يقول كروس: «وفي حين يقل معدل نوم الرضع في وضيعة الانبطاح كعامل من العوامل التي تؤدي إلى الموت المفاجئ، أصبحت بعض العوامل المتغيرة الأخرى والتي كانت أقل شيوعا خلال المراحل المبكرة من الدراسة أكثر شيوعا الآن إلى حد كبير».
عوامل الوفاة
* وتعد بعض العوامل المؤدية إلى تعرض الرضع للمتلازمة خارج نطاق سيطرة الآباء، حيث يلعب عمر الرضيع دورا في تلك الوفيات، حيث تتزايد احتمالات التعرض لتلك المتلازمة في العام الأول من العمر بشكل كبير، وتتزايد بوجه خاص خلال الشهر الثاني والثالث من حياتهم. ويعتبر الرضع الذكور أكثر عرضة للمتلازمة من الإناث، بينما تزداد الاحتمالات لدى الأطفال المبتسرين (الخدج) والرضع الذين توفي بعض أشقائهم أو أبناء عمومتهم نتيجة تلك المتلازمة.
وعلى الرغم من ذلك، يمكن التحكم في العوامل الأخرى التي تؤدي إلى تلك المتلازمة، حيث من الممكن أن تلعب وضعية نوم الرضيع ومدى ليونة أغطية الفراش والتعرض للتدخين السلبي ووضع أشياء ثقيلة عليه أو تغطية وجهه بأغطية فراش دورا في زيادة خطر التعرض للوفاة نتيجة تلك المتلازمة.
توصيات طبية
* وقامت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال في العام الماضي بتحديث توصياتها حول توفير بيئة نوم آمنة للرضع، حيث أكدت ضرورة وضع الطفل على ظهره أثناء النوم وضرورة «النوم في غرفة واحدة وليس في سرير واحد»، وأهمية حقن الطفل بالأمصال الدورية أولا بأول وحصوله على الرضاعة الطبيعية. وأضافت الأكاديمية أنه من ضمن الأمور التي ينبغي على الآباء تجنبها في موقع النوم الخاص بأطفالهم، استخدام أغطية الفراش الناعمة وارتفاع درجات الحرارة والتعرض لبعض المواد مثل دخان السجائر.
ويقول كروس إن دراسة سان دييغو قد اكتشفت أن ثلثي عدد الأطفال الرضع الذين قضوا نحبهم قد تعرضوا لثلاثة من تلك العوامل على الأقل، وهو ما يؤكد ضرورة وعي الآباء بكافة الأمور التي قد تعرض حياة أطفالهم الرضع لخطر الوفاة نتيجة متلازمة وفاة الرضيع المفاجئة، وليس فقط وضعية النوم.
وأضاف كروس: «الرسالة التي نحاول توصيلها هي أنه لا يتوجب على القائمين على رعاية الأطفال التفكير في تجنب عامل خطورة واحد فقط، بل الحرص على تجنب العوامل مجتمعة».
* خدمة «نيويورك تايمز»