منتدى نسائم الصباح
نداءات الرحمن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا نداءات الرحمن 829894
ادارة المنتدي نداءات الرحمن 103798
منتدى نسائم الصباح
نداءات الرحمن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا نداءات الرحمن 829894
ادارة المنتدي نداءات الرحمن 103798
منتدى نسائم الصباح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 نداءات الرحمن

اذهب الى الأسفل 
+2
شذى الياسمين
الداعية الى الله
6 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:22



مـــــــــــــــــــا أجــــــــمــــــــل الــــــــقــــــــــــــــرآن !!

ومــــــا أروع نــــــداءات الـــــــــــــرحــــــمــــــــــــن !!

نــــــعــــم إنـــــهــــا نـــــداءات قــــرآنـيــة ربـــــانـيــة

نــــمــــر عـــلـــيـــهـــا صــــبــــاحـــا ومـــــســــــــاءا

نــــــقـــــرأها ولــــكـــن لابــــد مــــن تــــدبــــــــــــــرها

لــــنــــعــلــم بــمــاذا يـــــأمــــرنــــــــــــا ربــــــــنــــــا



جميع الآيات التى أولها هذا النداء ،،

(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ... ))

نقف عند كل أمر ونتدبره ونفسره ونحاول تنفيذه

[/size]


نداءات الرحمن 12042d1323213438

[size=21]"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)
سورة البقرة

نداءات الرحمن 12043d1323213749



وهذه أول آية تبدأ ب يَا أَيُّهَا الَّذِينَ .

كان المسلمون يقولون حين خطابهم للرسول عند تعلمهم أمر الدين: { رَاعِنَا }
أي: راع أحوالنا، فيقصدون بها معنى صحيحا، وكان اليهود يريدون بها معنى
فاسدا، فانتهزوا الفرصة، فصاروا يخاطبون الرسول بذلك، ويقصدون المعنى
الفاسد، فنهى الله المؤمنين عن هذه الكلمة، سدا لهذا الباب، ففيه النهي عن
الجائز، إذا كان وسيلة إلى محرم، وفيه الأدب، واستعمال الألفاظ، التي لا
تحتمل إلا الحسن، وعدم الفحش، وترك الألفاظ القبيحة، أو التي فيها نوع
تشويش أو احتمال لأمر غير لائق، فأمرهم بلفظة لا تحتمل إلا الحسن فقال: { وَقُولُوا انْظُرْنَا } فإنها كافية يحصل بها المقصود من غير محذور،{ وَاسْمَعُوا }لم
يذكر المسموع، ليعم ما أمر باستماعه، فيدخل فيه سماع القرآن، وسماع السنة
التي هي الحكمة، لفظا ومعنى واستجابة، ففيه الأدب والطاعة.

ثم توعد الكافرين بالعذاب المؤلم الموجع .



نداءات الرحمن 12042d1323213438

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)

نداءات الرحمن 12043d1323213749

أمر الله تعالى المؤمنين، بالاستعانة على أمورهم الدينية
والدنيوية {[color:d05b="rgb(255, 0, 255)"] بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ }
فالصبر هو : حبس النفس وكفها عما تكره، فهو ثلاثة أقسام: صبرها على طاعة الله حتى تؤديها، وعن معصية الله حتى تتركها، وعلى أقدار الله المؤلمة
فلا تتسخطها، فالصبر هو المعونة العظيمة على كل أمر، فلا سبيل لغير
الصابر، أن يدرك مطلوبه، خصوصا الطاعات الشاقة المستمرة، فإنها مفتقرة أشد
الافتقار، إلى تحمل الصبر، وتجرع المرارة الشاقة، فإذا لازم صاحبها الصبر،
فاز بالنجاح، وإن رده المكروه والمشقة عن الصبر والملازمة عليها، لم يدرك
شيئا، وحصل على الحرمان، وكذلك المعصية التي تشتد دواعي النفس ونوازعها
إليها وهي في محل قدرة العبد، فهذه لا يمكن تركها إلا بصبر عظيم، وكف
لدواعي قلبه ونوازعها لله تعالى، واستعانة بالله على العصمة منها، فإنها من
الفتن الكبار. وكذلك البلاء الشاق، خصوصا إن استمر، فهذا تضعف معه القوى
النفسانية والجسدية، ويوجد مقتضاها، وهو التسخط، إن لم يقاومها صاحبها
بالصبر لله، والتوكل عليه، واللجأ إليه، والافتقار على الدوام.

فعلمت أن الصبر محتاج إليه العبد، بل مضطر إليه في كل حالة من أحواله، فلهذا أمر الله تعالى به، وأخبر أنه { مَعَ الصَّابِرِينَ }]
أي: مع من كان الصبر لهم خلقا، وصفة، وملكة بمعونته وتوفيقه، وتسديده،
فهانت عليهم بذلك، المشاق والمكاره، وسهل عليهم كل عظيم، وزالت عنهم كل
صعوبة، وهذه معية خاصة، تقتضي محبته ومعونته،
ونصره وقربه، وهذه منقبة عظيمة للصابرين، فلو لم يكن للصابرين فضيلة إلا
أنهم فازوا بهذه المعية من الله، لكفى بها فضلا وشرفا، وأما المعية العامة، فهي معية العلم والقدرة، كما في قوله تعالى: { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ } وهذه عامة للخلق.

وأمر تعالى بالاستعانة بالصلاة لأن الصلاة هي عماد الدين،
ونور المؤمنين، وهي الصلة بين العبد وبين ربه، فإذا كانت صلاة العبد صلاة
كاملة، مجتمعا فيها ما يلزم فيها، وما يسن، وحصل فيها حضور القلب، الذي
هو لبها فصار العبد إذا دخل فيها، استشعر دخوله على ربه، ووقوفه بين يديه،
موقف العبد الخادم المتأدب، مستحضرا لكل ما يقوله وما يفعله، مستغرقا
بمناجاة ربه ودعائه لا جرم أن هذه الصلاة، من أكبر المعونة على جميع الأمور
فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولأن هذا الحضور الذي يكون في
الصلاة، يوجب للعبد في قلبه، وصفا، وداعيا يدعوه إلى امتثال أوامر ربه،
واجتناب نواهيه، هذه هي الصلاة التي أمر الله أن نستعين بها على كل شيء.



المصدر تفسير الشيخ ناصر السعدى
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:23

يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ
وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)




نداءات الرحمن 12051d1323278085
هذا أمر للمؤمنين خاصة،
بعد الأمر العام، وذلك أنهم هم المنتفعون على الحقيقة بالأوامر والنواهي،
بسبب إيمانهم، فأمرهم بأكل الطيبات من الرزق، والشكر لله على إنعامه،
باستعمالها بطاعته، والتقوي بها على ما يوصل إليه، فأمرهم بما أمر به
المرسلين في قوله { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ
وَاعْمَلُوا صَالِحًا } .
فالشكر في هذه الآية، هو العمل الصالح، وهنا لم يقل "حلالا "لأن المؤمن
أباح الله له الطيبات من الرزق خالصة من التبعة، ولأن إيمانه يحجزه عن
تناول ما ليس له.
وقوله { إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }
أي: فاشكروه، فدل على أن من لم يشكر الله، لم يعبده وحده، كما أن من شكره،
فقد عبده، وأتى بما أمر به، ويدل أيضا على أن أكل الطيب، سبب للعمل الصالح
وقبوله، والأمر بالشكر، عقيب النعم؛ لأن الشكر يحفظ النعم الموجودة،
ويجلب النعم المفقودة كما أن الكفر، ينفر النعم المفقودة ويزيل النعم
الموجودة.


يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:23

يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى
الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى
فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ
وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ
وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)



نداءات الرحمن 12052d1323278425
يمتن تعالى على عباده المؤمنين، بأنه فرض عليهم { الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى } أي: المساواة فيه، وأن يقتل القاتل على الصفة، التي قتل عليها المقتول، إقامة للعدل والقسط بين العباد.
وتوجيه الخطاب لعموم المؤمنين، فيه دليل على أنه يجب عليهم كلهم، حتى
أولياء القاتل حتى القاتل بنفسه إعانة ولي المقتول، إذا طلب القصاص وتمكينه
من القاتل، وأنه لا يجوز لهم أن يحولوا بين هذا الحد، ويمنعوا الولي من
الاقتصاص، كما عليه عادة الجاهلية، ومن أشبههم من إيواء المحدثين.
ثم بيَّن تفصيل ذلك فقال: { الْحُرُّ بِالْحُرِّ } يدخل بمنطوقها، الذكر بالذكر، { وَالأنْثَى بِالأنْثَى }
والأنثى بالذكر، والذكر بالأنثى، فيكون منطوقها مقدما على مفهوم قوله:
"الأنثى بالأنثى "مع دلالة السنة، على أن الذكر يقتل بالأنثى، وخرج من عموم
هذا الأبوان وإن علوا، فلا يقتلان بالولد، لورود السنة بذلك، مع أن في
قوله: { الْقِصَاصُ } ما يدل على أنه ليس من
العدل، أن يقتل الوالد بولده، ولأن في قلب الوالد من الشفقة والرحمة، ما
يمنعه من القتل لولده إلا بسبب اختلال في عقله، أو أذية شديدة جدا من الولد
له.
وخرج من العموم أيضا، الكافر بالسنة، مع أن الآية في خطاب المؤمنين خاصة.
وأيضا فليس من العدل أن يقتل ولي الله بعدوه، والعبد بالعبد، ذكرا كان أو
أنثى، تساوت قيمتهما أو اختلفت، ودل بمفهومها على أن الحر، لا يقتل
بالعبد، لكونه غير مساو له، والأنثى بالأنثى، أخذ بمفهومها بعض أهل العلم
فلم يجز قتل الرجل بالمرأة، وتقدم وجه ذلك.
وفي هذه الآية دليل على أن الأصل وجوب القود في القتل، وأن الدية بدل عنه، فلهذا قال: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ }
أي: عفا ولي المقتول عن القاتل إلى الدية، أو عفا بعض الأولياء، فإنه
يسقط القصاص، وتجب الدية، وتكون الخيرة في القود واختيار الدية إلى الولي.
فإذا عفا عنه وجب على الولي، أي: ولي المقتول أن يتبع القاتل { بِالْمَعْرُوفِ } من غير أن يشق عليه، ولا يحمله ما لا يطيق، بل يحسن الاقتضاء والطلب، ولا يحرجه.
وعلى القاتل { أَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ }
من غير مطل ولا نقص، ولا إساءة فعلية أو قولية، فهل جزاء الإحسان إليه
بالعفو، إلا الإحسان بحسن القضاء، وهذا مأمور به في كل ما ثبت في ذمم الناس
للإنسان، مأمور من له الحق بالاتباع بالمعروف، ومن عليه الحق، بالأداء
بإحسان .
وفي قوله: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ } ترقيق وحث على العفو إلى الدية، وأحسن من ذلك العفو مجانا.
وفي قوله: { أَخِيهِ } دليل على أن القاتل لا
يكفر، لأن المراد بالأخوة هنا أخوة الإيمان، فلم يخرج بالقتل منها، ومن باب
أولى أن سائر المعاصي التي هي دون الكفر، لا يكفر بها فاعلها، وإنما ينقص
بذلك إيمانه.
وإذا عفا أولياء المقتول، أو عفا بعضهم، احتقن دم القاتل، وصار معصوما منهم ومن غيرهم، ولهذا قال: { فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ } أي: بعد العفو { فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي: في الآخرة، وأما قتله وعدمه، فيؤخذ مما تقدم، لأنه قتل مكافئا له، فيجب قتله بذلك.
وأما من فسر العذاب الأليم بالقتل، فإن الآية تدل على أنه يتعين قتله، ولا
يجوز العفو عنه، وبذلك قال بعض العلماء والصحيح الأول، لأن جنايته لا
تزيد على جناية غيره.



يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:23

(
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا
كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (183)
سورة البقرة
نداءات الرحمن 12136d1323518597

يخبر تعالى بما منَّ به على عباده, بأنه فرض عليهم الصيام, كما فرضه على
الأمم السابقة, لأنه من الشرائع والأوامر التي هي مصلحة للخلق في كل زمان.
وفيه تنشيط لهذه الأمة, بأنه ينبغي لكم أن تنافسوا غيركم في تكميل
الأعمال, والمسارعة إلى صالح الخصال, وأنه ليس من الأمور الثقيلة, التي
اختصيتم بها. ثم ذكر تعالى حكمته في مشروعية الصيام فقال: { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } فإن
الصيام من أكبر أسباب التقوى, لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه.
فمما اشتمل عليه من التقوى: أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل
والشرب والجماع ونحوها, التي تميل إليها نفسه, متقربا بذلك إلى الله,
راجيا بتركها, ثوابه، فهذا من التقوى. ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على
مراقبة الله تعالى, فيترك ما تهوى نفسه, مع قدرته عليه, لعلمه باطلاع الله
عليه، ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان, فإنه يجري من ابن آدم مجرى
الدم, فبالصيام, يضعف نفوذه, وتقل منه المعاصي، ومنها: أن الصائم في
الغالب, تكثر طاعته, والطاعات من خصال التقوى، ومنها: أن الغني إذا ذاق
ألم الجوع, أوجب له ذلك, مواساة الفقراء المعدمين, وهذا من خصال التقوى
تفسير السعدي
ومن هنا نتعلم أنه من أراد أن يربي نفسه على التقوى ويكون مع المتقين فعليه بالصيام وعلى الله اصلاح قلبه وجعله قلب تقي


يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:23

يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا
تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)
فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ
فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209) .


نداءات الرحمن 12137d1323519198


هذا أمر من الله تعالى للمؤمنين أن يدخلوا ( فِي السِّلْمِ كَافَّةً )
أي: في جميع شرائع الدين, ولا يتركوا منها شيئا, وأن لا يكونوا ممن اتخذ
إلهه هواه, إن وافق الأمر المشروع هواه فعله, وإن خالفه, تركه، بل الواجب
أن يكون الهوى, تبعا للدين, وأن يفعل كل ما يقدر عليه, من أفعال الخير,
وما يعجز عنه, يلتزمه وينويه, فيدركه بنيته.


ولما كان الدخول في السلم كافة, لا يمكن ولا يتصور إلا بمخالفة طرق الشيطان قال: ( وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ) أي: في العمل بمعاصي الله ( إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) والعدو المبين, لا يأمر إلا بالسوء والفحشاء, وما به الضرر عليكم.

ولما كان العبد لا بد أن يقع منه خلل وزلل, قال تعالى: ( فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ ) أي: على علم ويقين ( فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) .

وفيه من الوعيد الشديد, والتخويف, ما
يوجب ترك الزلل, فإن العزيز القاهر الحكيم, إذا عصاه العاصي, قهره بقوته,
وعذبه بمقتضى حكمته فإن من حكمته, تعذيب العصاة والجناة.


يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:24

. يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ
قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا
شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254)
نداءات الرحمن 12138d1323519481


وهذا من لطف الله بعباده أن أمرهم بتقديم شيء مما رزقهم الله، من صدقة
واجبة ومستحبة، ليكون لهم ذخرا وأجرا موفرا في يوم يحتاج فيه العاملون إلى
مثقال ذرة من الخير، فلا بيع فيه ولو افتدى الإنسان نفسه بملء الأرض ذهبا
ليفتدي به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منه، ولم ينفعه خليل ولا صديق لا
بوجاهة ولا بشفاعة، وهو اليوم الذي فيه يخسر المبطلون ويحصل الخزي على
الظالمين، وهم الذين وضعوا الشيء في غير موضعه، فتركوا الواجب من حق الله
وحق عباده وتعدوا الحلال إلى الحرام، وأعظم أنواع الظلم الكفر بالله الذي
هو وضع العبادة التي يتعين أن تكون لله فيصرفها الكافر إلى مخلوق مثله،
فلهذا قال تعالى: { والكافرون هم الظالمون } وهذا من باب الحصر، أي: الذين ثبت لهم الظلم التام، كما قال تعالى: { إن الشرك لظلم عظيم } .


يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:24

يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ
وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ
تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى
شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ
(264)

نداءات الرحمن 12139d1323519750


ينهى عباده تعالى لطفا بهم ورحمة عن إبطال صدقاتهم بالمنّ والأذى ففيه أن
المنّ والأذى يبطل الصدقة، ويستدل بهذا على أن الأعمال السيئة تبطل الأعمال
الحسنة، كما قال تعالى: { ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون } فكما أن الحسنات يذهبن السيئات فالسيئات تبطل ما قابلها من الحسنات، وفي هذه الآية مع قوله تعالى { ولا تبطلوا أعمالكم } حث على تكميل الأعمال وحفظها من كل ما يفسدها لئلا يضيع العمل سدى، وقوله: { كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر}
أي: أنتم وإن قصدتم بذلك وجه الله في ابتداء الأمر، فإن المنة والأذى
مبطلان لأعمالكم، فتصير أعمالكم بمنزلة الذي يعمل لمراءاة الناس ولا يريد
به الله والدار الآخرة، فهذا لا شك أن عمله من أصله مردود، لأن شرط العمل
أن يكون لله وحده وهذا في الحقيقة عمل للناس لا لله، فأعماله باطلة وسعيه
غير مشكور، فمثله المطابق لحاله { كمثل صفوان } وهو الحجر الأملس الشديد { عليه تراب فأصابه وابل } أي: مطر غزير { فتركه صلدا }
أي: ليس عليه شيء من التراب، فكذلك حال هذا المرائي، قلبه غليظ قاس
بمنزلة الصفوان، وصدقته ونحوها من أعماله بمنزلة التراب الذي على الصفوان،
إذا رآه الجاهل بحاله ظن أنه أرض زكية قابلة للنبات، فإذا انكشفت حقيقة
حاله زال ذلك التراب وتبين أن عمله بمنزلة السراب، وأن قلبه غير صالح
لنبات الزرع وزكائه عليه، بل الرياء الذي فيه والإرادات الخبيثة تمنع من
انتفاعه بشيء من عمله، فلهذا { لا يقدرون على شيء }
من أعمالهم التي اكتسبوها، لأنهم وضعوها في غير موضعها وجعلوها لمخلوق
مثلهم، لا يملك لهم ضررا ولا نفعا وانصرفوا عن عبادة من تنفعهم عبادته،
فصرف الله قلوبهم عن الهداية، فلهذا قال: { والله لا يهدي القوم الكافرين }
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:24

يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ
وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ
مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) الشَّيْطَانُ
يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ
مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268)

نداءات الرحمن 12140d1323520104


يأمر تعالى عباده المؤمنين بالنفقة من طيبات ما يسر لهم من المكاسب، ومما
أخرج لهم من الأرض فكما منَّ عليكم بتسهيل تحصيله فأنفقوا منه شكرا لله
وأداء لبعض حقوق إخوانكم عليكم، وتطهيرا لأموالكم، واقصدوا في تلك النفقة
الطيب الذي تحبونه لأنفسكم، ولا تيمموا الرديء الذي لا ترغبونه ولا تأخذونه
إلا على وجه الإغماض والمسامحة { واعلموا أن الله غني حميد }
فهو غني عنكم ونفع صدقاتكم وأعمالكم عائد إليكم، ومع هذا فهو حميد على ما
يأمركم به من الأوامر الحميدة والخصال السديدة، فعليكم أن تمتثلوا أوامره
لأنها قوت القلوب وحياة النفوس ونعيم الأرواح، وإياكم أن تتبعوا عدوكم
الشيطان الذي يأمركم بالإمساك، ويخوفكم بالفقر والحاجة إذا أنفقتم، وليس
هذا نصحا لكم، بل هذا غاية الغش { إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير } بل أطيعوا ربكم الذي يأمركم بالنفقة على وجه يسهل عليكم ولا يضركم، ومع هذا فهو { يعدكم مغفرة } لذنوبكم وتطهيرا لعيوبكم { وفضلا }
وإحسانا إليكم في الدنيا والآخرة، من الخلف العاجل، وانشراح الصدر ونعيم
القلب والروح والقبر، وحصول ثوابها وتوفيتها يوم القيامة، وليس هذا عظيما
عليه لأنه { واسع } الفضل عظيم الإحسان { عليم }
بما يصدر منكم من النفقات قليلها وكثيرها، سرها وعلنها، فيجازيكم عليها
من سعته وفضله وإحسانه، فلينظر العبد نفسه إلى أي الداعيين يميل، فقد تضمنت
هاتان الآيتان أمورا عظيمة منها: الحث على الإنفاق، ومنها: بيان الأسباب
الموجبة لذلك، ومنها: وجوب الزكاة من النقدين وعروض التجارة كلها،
لأنها داخلة في قوله: { من طيبات ما كسبتم } ومنها: وجوب الزكاة في الخارج من الأرض من الحبوب والثمار والمعادن، ومنها: أن الزكاة على من له الزرع والثمر لا على صاحب الأرض، لقوله { أخرجنا لكم } فمن أخرجت له وجبت عليه ومنها:
أن الأموال المعدة للاقتناء من العقارات والأواني ونحوها ليس فيها زكاة،
وكذلك الديون والغصوب ونحوهما إذا كانت مجهولة، أو عند من لا يقدر ربها
على استخراجها منه، ليس فيها زكاة،
لأن الله أوجب النفقة من
الأموال التي يحصل فيها النماء الخارج من الأرض، وأموال التجارة مواساة من
نمائها، وأما الأموال التي غير معدة لذلك ولا مقدورا عليها فليس فيها هذا
المعنى، ومنها: أن الرديء ينهى عن إخراجه ولا يجزئ في الزكاة .
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:24

يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ
الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا
فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ
رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (279)
نداءات الرحمن 12141d1323520529

لما ذكر أكلة الربا وكان من المعلوم أنهم لو كانوا مؤمنين إيمانا ينفعهم لم
يصدر منهم ما صدر ذكر حالة المؤمنين وأجرهم، وخاطبهم بالإيمان، ونهاهم عن
أكل الربا إن كانوا مؤمنين، وهؤلاء هم الذين يقبلون موعظة ربهم وينقادون
لأمره، وأمرهم أن يتقوه، ومن جملة تقواه أن يذروا ما بقي من الربا أي:
المعاملات الحاضرة الموجودة، وأما ما سلف، فمن اتعظ عفا الله عنه ما سلف،
وأما من لم ينزجر بموعظة الله ولم يقبل نصيحته فإنه مشاق لربه محارب له،
وهو عاجز ضعيف ليس له يدان في محاربة العزيز الحكيم الذي يمهل للظالم ولا
يهمله حتى إذا أخذه، أخذه أخذ عزيز مقتدر { وإن تبتم } عن الربا { فلكم رءوس أموالكم } أي: أنزلوا عليها { لا تظلمون } من عاملتموه بأخذ الزيادة التي هي الربا { ولا تظلمون } بنقص رءوس أموالكم.


يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:25

يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ
مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا
يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ
وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا
يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ
سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ
فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ
رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ
مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا
فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا
دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى
أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ
وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً
تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا
وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ
وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ
وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282) .
نداءات الرحمن 12142d1323520921

هذه آية الدين، وهي أطول آيات القرآن، وقد اشتملت على أحكام عظيمة جليلة المنفعة والمقدار، أحدها: أنه
تجوز جميع أنواع المداينات من سلم وغيره، لأن الله أخبر عن المداينة التي
عليها المؤمنون إخبار مقرر لها ذاكرا أحكامها، وذلك يدل على الجواز، الثاني والثالث أنه لا بد للسلم من أجل وأنه لا بد أن يكون معينا معلوما فلا يصح حالا ولا إلى أجل مجهول، الرابع:
الأمر بكتابة جميع عقود المداينات إما وجوبا وإما استحبابا لشدة الحاجة
إلى كتابتها، لأنها بدون الكتابة يدخلها من الغلط والنسيان والمنازعة
والمشاجرة شر عظيم، الخامس: أمر الكاتب أن يكتب، السادس: أن يكون عدلا في نفسه لأجل اعتبار كتابته، لأن الفاسق لا يعتبر قوله ولا كتابته، السابع أنه يجب عليه العدل بينهما، فلا يميل لأحدهما لقرابة أو صداقة أو غير ذلك، الثامن:
أن يكون الكاتب عارفا بكتابة الوثائق وما يلزم فيها كل واحد منهما، وما
يحصل به التوثق، لأنه لا سبيل إلى العدل إلا بذلك، وهذا مأخوذ من قوله: ( وليكتب بينكم كاتب بالعدل ) التاسع: أنه إذا وجدت وثيقة بخط المعروف بالعدالة المذكورة يعمل بها، ولو كان هو والشهود قد ماتوا، العاشر: قوله: ( ولا يأب كاتب أن يكتب )
أي: لا يمتنع من منَّ الله عليه بتعليمه الكتابة أن يكتب بين المتداينين،
فكما أحسن الله إليه بتعليمه، فليحسن إلى عباد الله المحتاجين إلى
كتابته، ولا يمتنع من الكتابة لهم، الحادي عشر: أمر الكاتب أن لا يكتب إلا ما أملاه من عليه الحق، الثاني عشر: أن الذي يملي من المتعاقدين من عليه الدين، الثالث عشر: أمره أن يبين جميع الحق الذي عليه ولا يبخس منه شيئا، الرابع عشر:
أن إقرار الإنسان على نفسه مقبول، لأن الله أمر من عليه الحق أن يمل على
الكاتب، فإذا كتب إقراره بذلك ثبت موجبه ومضمونه، وهو ما أقر به على نفسه،
ولو ادعى بعد ذلك غلطا أو سهوا، الخامس عشر: أن
من عليه حقا من الحقوق التي البينة على مقدارها وصفتها من كثرة وقلة
وتعجيل وتأجيل، أن قوله هو المقبول دون قول من له الحق، لأنه تعالى لم ينهه
عن بخس الحق الذي عليه، إلا أن قوله مقبول على ما يقوله من مقدار الحق
وصفته، السادس عشر: أنه يحرم على من عليه حق من الحقوق أن يبخس وينقص شيئا من مقداره، أو طيبه وحسنه، أو أجله أو غير ذلك من توابعه ولواحقه، السابع عشر: أن من لا يقدر على إملاء الحق لصغره أو سفهه أو خرسه، أو نحو ذلك، فإنه ينوب وليه منابه في الإملاء والإقرار، الثامن عشر: أنه يلزم الولي من العدل ما يلزم من عليه الحق من العدل، وعدم البخس لقوله ( بالعدل ) التاسع عشر: أنه يشترط عدالة الولي، لأن الإملاء بالعدل المذكور لا يكون من فاسق، العشرون: ثبوت الولاية في الأموال، الحادي والعشرون: أن الحق يكون على الصغير والسفيه والمجنون والضعيف، لا على وليهم، الثاني والعشرون:
أن إقرار الصغير والسفيه والمجنون والمعتوه ونحوهم وتصرفهم غير صحيح، لأن
الله جعل الإملاء لوليهم، ولم يجعل لهم منه شيئا لطفا بهم ورحمة، خوفا من
تلاف أموالهم، الثالث والعشرون: صحة تصرف الولي في مال من ذكر، الرابع والعشرون:
فيه مشروعية كون الإنسان يتعلم الأمور التي يتوثق بها المتداينون كل واحد
من صاحبه، لأن المقصود من ذلك التوثق والعدل، وما لا يتم المشروع إلا به
فهو مشروع، الخامس والعشرون: أن تعلم الكتابة مشروع، بل هو فرض كفاية، لأن الله أمر بكتابة الديون وغيرها، ولا يحصل ذلك إلا بالتعلم، السادس والعشرون:
أنه مأمور بالإشهاد على العقود، وذلك على وجه الندب، لأن المقصود من ذلك
الإرشاد إلى ما يحفظ الحقوق، فهو عائد لمصلحة المكلفين، نعم إن كان
المتصرف ولي يتيم أو وقف ونحو ذلك مما يجب حفظه تعين أن يكون الإشهاد الذي
به يحفظ الحق واجبا، السابع والعشرون: أن نصاب الشهادة في الأموال ونحوها رجلان أو رجل وامرأتان، ودلت السنة أيضا أنه يقبل الشاهد مع يمين المدعي، الثامن والعشرون: أن شهادة الصبيان غير مقبولة لمفهوم لفظ الرجل، التاسع والعشرون:
أن شهادة النساء منفردات في الأموال ونحوها لا تقبل، لأن الله لم يقبلهن
إلا مع الرجل، وقد يقال إن الله أقام المرأتين مقام رجل للحكمة التي ذكرها
وهي موجودة سواء كن مع رجل أو منفردات والله أعلم. الثلاثون: أن شهادة العبد البالغ مقبولة كشهادة الحر لعموم قوله: ( فاستشهدوا شهيدين من رجالكم ) والعبد البالغ من رجالنا، الحادي والثلاثون: أن شهادة الكفار ذكورا كانوا أو نساء غير مقبولة، لأنهم ليسوا منا، ولأن مبنى الشهادة على العدالة وهو غير عدل، الثاني والثلاثون: فيه فضيلة الرجل على المرأة، وأن الواحد في مقابلة المرأتين لقوة حفظه ونقص حفظها، الثالث والثلاثون: أن من نسي شهادته ثم ذكرها فذكر فشهادته مقبولة لقوله: ( فتذكر إحداهما الأخرى ) الرابع والثلاثون: يؤخذ من المعنى أن الشاهد إذا خاف نسيان شهادته في الحقوق الواجبة وجب عليه كتابتها، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والخامس والثلاثون: أنه يجب على الشاهد إذا دعي للشهادة وهو غير معذور، لا يجوز له أن يأبى لقوله: ( ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ) السادس والثلاثون: أن من لم يتصف بصفة الشهداء المقبولة شهادتهم، لم يجب عليه الإجابة لعدم الفائدة بها ولأنه ليس من الشهداء، السابع والثلاثون: النهي عن السآمة والضجر من كتابة الديون كلها من صغير وكبير وصفة الأجل وجميع ما احتوى عليه العقد من الشروط والقيود، الثامن والثلاثون: بيان الحكمة في مشروعية الكتابة والإشهاد في العقود، وأنه ( أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا )
فإنها متضمنة للعدل الذي به قوام العباد والبلاد، والشهادة المقترنة
بالكتابة تكون أقوم وأكمل وأبعد من الشك والريب والتنازع والتشاجر، التاسع والثلاثون: يؤخذ من ذلك أن من اشتبه وشك في شهادته لم يجز له الإقدام عليها بل لا بد من اليقين، الأربعون: قوله: ( إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها ) فيه الرخصة في ترك الكتابة إذا كانت التجارة حاضرا بحاضر، لعدم شدة الحاجة إلى الكتابة، الحادي والأربعون: أنه وإن رخص في ترك الكتابة في التجارة الحاضرة، فإنه يشرع الإشهاد لقوله: ( وأشهدوا إذا تبايعتم ) الثاني والأربعون: النهي عن مضارة الكاتب بأن يدعى وقت اشتغال وحصول مشقة عليه، الثالث والأربعون: النهي عن مضارة الشهيد أيضا بأن يدعى إلى تحمل الشهادة أو أدائها في مرض أو شغل يشق عليه، أو غير ذلك هذا على جعل قوله: ( ولا يضار كاتب ولا شهيد )
مبنيا للمجهول، وأما على جعلها مبنيا للفاعل ففيه نهي الشاهد والكاتب أن
يضارا صاحب الحق بالامتناع أو طلب أجرة شاقة ونحو ذلك، وهذان هما الرابع والأربعون والخامس والأربعون والسادس والأربعون أن ارتكاب هذه المحرمات من خصال الفسق لقوله: ( وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم ) السابع والأربعون
أن الأوصاف كالفسق والإيمان والنفاق والعداوة والولاية ونحو ذلك تتجزأ في
الإنسان، فتكون فيه مادة فسق وغيرها، وكذلك مادة إيمان وكفر لقوله: ( فإنه فسوق بكم ) ولم يقل فأنتم فاسقون أو فُسّاق. الثامن والأربعون: - وحقه أن يتقدم على ما هنا لتقدم موضعه- اشتراط العدالة في الشاهد لقوله: ( ممن ترضون من الشهداء ) التاسع والأربعون: أن العدالة يشترط فيها العرف في كل مكان وزمان، فكل من كان مرضيا معتبرا عند الناس قبلت شهادته، الخمسون: يؤخذ منها عدم قبول شهادة المجهول حتى يزكى،
فهذه الأحكام مما يستنبط من هذه الآية الكريمة على حسب الحال الحاضرة
والفهم القاصر، ولله في كلامه حكم وأسرار يخص بها من يشاء من عباده
.
يتبع

[size=25]انتهت نداءات الرحمن الوارده بسوره البقره وعددها 11 نداء
مع نداء اخر من نداءات الرحمن
[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:25

نداءات الرحمن بسوره ال عمران وعددها سبعه
نداءات الرحمن 12143d1323524233
1
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا
فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ
إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)

نداءات الرحمن 12145d1323524811
حذر عباده المؤمنين من أهل الكتاب من اليهود والنصارى
الذين كفروا بآيات الله التي أنزلها الله على رسله، التي جعلها رحمة
لعباده يهتدون بها إليه، ويستدلون بها على جميع المطالب المهمة والعلوم
النافعة، فهؤلاء الكفرة جمعوا بين الكفر بها وصد من آمن بالله عنها
وتحريفها وتعويجها عما جعلت له، وهم شاهدون بذلك عالمون بأن ما فعلوه أعظم
الكفر الموجب لأعظم العقوبة ( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ ) لئلا يمكروا بهم من حيث لا يشعرون، فقال: ( يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين) وذلك لحسدهم وبغيهم عليكم، وشدة حرصهم على ردكم عن دينكم، كما قال تعالى: وَدَّ
كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ
إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا
تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ .

نداءات الرحمن 12146d1323525002
2
يَا
أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا
تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ
اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ
عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ
فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ
مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ
آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ
يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلا تَكُونُوا
كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ
الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)
نداءات الرحمن 12145d1323524811
هذا أمر من الله لعباده المؤمنين أن
يتقوه حق تقواه، وأن يستمروا على ذلك ويثبتوا عليه ويستقيموا إلى الممات،
فإن من عاش على شيء مات عليه، فمن كان في حال صحته ونشاطه وإمكانه مداوما
لتقوى ربه وطاعته، منيبا إليه على الدوام، ثبته الله عند موته ورزقه حسن
الخاتمة، وتقوى الله حق تقواه كما قال ابن مسعود: وهو أن يُطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر، وهذه الآية بيان لما يستحقه تعالى من التقوى، وأما ما يجب على العبد منها، فكما قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ
وتفاصيل التقوى المتعلقة بالقلب والجوارح كثيرة جدا، يجمعها فعل ما أمر
الله به وترك كل ما نهى الله عنه، ثم أمرهم تعالى بما يعينهم على التقوى
وهو الاجتماع والاعتصام بدين الله، وكون دعوى المؤمنين واحدة مؤتلفين غير
مختلفين، فإن في اجتماع المسلمين على دينهم، وائتلاف قلوبهم يصلح دينهم
وتصلح دنياهم وبالاجتماع يتمكنون من كل أمر من الأمور، ويحصل لهم من
المصالح التي تتوقف على الائتلاف ما لا يمكن عدها، من التعاون على البر
والتقوى، كما أن بالافتراق والتعادي يختل نظامهم وتنقطع روابطهم ويصير كل
واحد يعمل ويسعى في شهوة نفسه، ولو أدى إلى الضرر العام، ثم ذكرهم تعالى
نعمته وأمرهم بذكرها فقال: ( واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء )
يقتل بعضكم بعضا، ويأخذ بعضكم مال بعض، حتى إن القبيلة يعادي بعضهم بعضا،
وأهل البلد الواحد يقع بينهم التعادي والاقتتال، وكانوا في شر عظيم، وهذه
حالة العرب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فلما بعثه الله وآمنوا به
واجتمعوا على الإسلام وتآلفت قلوبهم على الإيمان كانوا كالشخص الواحد، من
تآلف قلوبهم وموالاة بعضهم لبعض، ولهذا قال: ( فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار )
أي: قد استحقيتم النار ولم يبق بينكم وبينها إلا أن تموتوا فتدخلوها (
فأنقذكم منها ) بما مَنَّ عليكم من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ( كذلك يبين الله لكم آياته ) أي: يوضحها ويفسرها، ويبين لكم الحق من الباطل، والهدى من الضلال ( لعلكم تهتدون )
بمعرفة الحق والعمل به، وفي هذه الآية ما يدل أن الله يحب من عباده أن
يذكروا نعمته بقلوبهم وألسنتهم ليزدادوا شكرا له ومحبة، وليزيدهم من فضله
وإحسانه، وإن من أعظم ما يذكر من نعمه نعمة الهداية إلى الإسلام، واتباع
الرسول صلى الله عليه وسلم واجتماع كلمة المسلمين وعدم تفرقها.

وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى
الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ
تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ
وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) .

أي: وليكن منكم أيها المؤمنون الذين مَنَّ الله عليهم بالإيمان والاعتصام بحبله ( أمة ) أي: جماعة ( يدعون إلى الخير ) وهو اسم جامع لكل ما يقرب إلى الله ويبعد من سخطه ( ويأمرون بالمعروف ) وهو ما عرف بالعقل والشرع حسنه ( وينهون عن المنكر )
وهو ما عرف بالشرع والعقل قبحه، وهذا إرشاد من الله للمؤمنين أن يكون
منهم جماعة متصدية للدعوة إلى سبيله وإرشاد الخلق إلى دينه، ويدخل في ذلك
العلماء المعلمون للدين، والوعاظ الذين يدعون أهل الأديان إلى الدخول في
دين الإسلام، ويدعون المنحرفين إلى الاستقامة، والمجاهدون في سبيل الله،
والمتصدون لتفقد أحوال الناس وإلزامهم بالشرع كالصلوات الخمس والزكاة
والصوم والحج وغير ذلك من شرائع الإسلام، وكتفقد المكاييل والموازين وتفقد
أهل الأسواق ومنعهم من الغش والمعاملات الباطلة، وكل هذه الأمور من فروض
الكفايات كما تدل عليه الآية الكريمة في قوله ( ولتكن منكم أمة ) إلخ
أي: لتكن منكم جماعة يحصل المقصود بهم في هذه الأشياء المذكورة، ومن
المعلوم المتقرر أن الأمر بالشيء أمر به وبما لا يتم إلا به فكل ما تتوقف
هذه الأشياء عليه فهو مأمور به، كالاستعداد للجهاد بأنواع العدد التي يحصل
بها نكاية الأعداء وعز الإسلام، وتعلم العلم الذي يحصل به الدعوة إلى
الخير وسائلها ومقاصدها، وبناء المدارس للإرشاد والعلم، ومساعدة النواب
ومعاونتهم على تنفيذ الشرع في الناس بالقول والفعل والمال، وغير ذلك مما
تتوقف هذه الأمور عليه، وهذه الطائفة المستعدة للدعوة إلى الخير والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر هم خواص المؤمنين، ولهذا قال تعالى عنهم: ( وأولئك هم المفلحون ) الفائزون بالمطلوب، الناجون من المرهوب، ثم نهاهم عن التشبه بأهل الكتاب في تفرقهم واختلافهم، فقال: ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا ) ومن العجائب أن اختلافهم ( من بعد ما جاءهم البينات )
الموجبة لعدم التفرق والاختلاف، فهم أولى من غيرهم بالاعتصام بالدين،
فعكسوا القضية مع علمهم بمخالفتهم أمر الله، فاستحقوا العقاب البليغ، ولهذا
قال تعالى: ( وأولئك لهم عذاب عظيم ) .
نداءات الرحمن 12146d1323525002
3
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا
بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا
عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي
صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ
تَعْقِلُونَ (118)

نداءات الرحمن 12145d1323524811

ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يتخذوا بطانة من المنافقين من أهل الكتاب
وغيرهم يظهرونهم على سرائرهم أو يولونهم بعض الأعمال الإسلامية وذلك أنهم
هم الأعداء الذين امتلأت قلوبهم من العداوة والبغضاء فظهرت على أفواههم { وما تخفي صدورهم أكبر } مما يسمع منهم فلهذا { لا يألونكم خبالا } أي: لا يقصرون في حصول الضرر عليكم والمشقة وعمل الأسباب التي فيها ضرركم ومساعدة الأعداء عليكم قال الله للمؤمنين { قد بينا لكم الآيات } أي: التي فيها مصالحكم الدينية والدنيوية { لعلكم تعقلون }
فتعرفونها وتفرقون بين الصديق والعدو، فليس كل أحد يجعل بطانة، وإنما
العاقل من إذا ابتلي بمخالطة العدو أن تكون مخالطة في ظاهره ولا يطلعه من
باطنه على شيء ولو تملق له وأقسم أنه من أوليائه.
نداءات الرحمن 12146d1323525002
4
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا
الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ
(131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) .

نداءات الرحمن 12145d1323524811

هذه الآيات الكريمات قد اشتملت عن أوامر وخصال من خصال الخير، أمر الله
[بها] وحث على فعلها، وأخبر عن جزاء أهلها، وعلى نواهي حث على تركها.

ولعل الحكمة -والله أعلم- في إدخال هذه الآيات أثناء قصة "أحد" أنه قد تقدم أن الله تعالى وعد عباده المؤمنين، أنهم إذا صبروا واتقوا نصرهم على أعدائهم، وخذل الأعداء عنهم، كما في قوله تعالى: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا .

ثم قال: بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ الآيات.

فكأن النفوس اشتاقت إلى معرفة خصال التقوى، التي يحصل بها النصر والفلاح
والسعادة، فذكر الله في هذه الآيات أهم خصال التقوى التي إذا قام العبد بها
فقيامه بغيرها من باب أولى وأحرى، ويدل على ما قلنا أن الله ذكر لفظ
"التقوى" في هذه الآيات ثلاث مرات: مرة مطلقة وهي قوله: ( أعدت للمتقين ) ومرتين مقيدتين، فقال: ( واتقوا الله ) ( واتقوا النار ) فقوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا )
كل ما في القرآن من قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا ) افعلوا كذا، أو
اتركوا كذا، يدل على أن الإيمان هو السبب الداعي والموجب لامتثال ذلك
الأمر، واجتناب ذلك النهي؛ لأن الإيمان هو التصديق الكامل بما يجب التصديق
به، المستلزم لأعمال الجوارح، فنهاهم عن أكل الربا أضعافا مضاعفة، وذلك هو
ما اعتاده أهل الجاهلية، ومن لا يبالي بالأوامر الشرعية من أنه إذا حل
الدين، على المعسر ولم يحصل منه شيء، قالوا له: إما أن تقضي ما عليك من
الدين، وإما أن نزيد في المدة، ويزيد ما في ذمتك، فيضطر الفقير ويستدفع
غريمه ويلتزم ذلك، اغتناما لراحته الحاضرة، ، فيزداد -بذلك- ما في ذمته
أضعافا مضاعفة، من غير نفع وانتفاع.

ففي قوله: ( أضعافًا مضاعفة ) تنبيه على شدة شناعته بكثرته، وتنبيه لحكمة تحريمه، وأن تحريم الربا حكمته أن الله منع منه لما فيه من الظلم.

وذلك أن الله أوجب إنظار المعسر، وبقاء ما في ذمته من غير زيادة، فإلزامه
بما فوق ذلك ظلم متضاعف، فيتعين على المؤمن المتقي تركه وعدم قربانه، لأن
تركه من موجبات التقوى.

والفلاح متوقف على التقوى، فلهذا قال: ( واتقوا الله لعلكم تفلحون * واتقوا النار التي أعدت للكافرين )
بترك ما يوجب دخولها، من الكفر والمعاصي، على اختلاف درجاتها، فإن
المعاصي كلها- وخصوصا المعاصي الكبار- تجر إلى الكفر، بل هي من خصال الكفر
الذي أعد الله النار لأهله، فترك المعاصي ينجي من النار، ويقي من سخط
الجبار، وأفعال الخير والطاعة توجب رضا الرحمن، ودخول الجنان، وحصول
الرحمة، ولهذا قال: ( وأطيعوا الله والرسول ) بفعل الأوامر امتثالا واجتناب النواهي ( لعلكم ترحمون ) .

فطاعة الله وطاعة رسوله، من أسباب حصول الرحمة كما قال تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ الآيات.
نداءات الرحمن 12146d1323525002
5
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا
الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا
خَاسِرِينَ (149)

نداءات الرحمن 12145d1323524811
وهذا نهي من الله للمؤمنين أن يطيعوا الكافرين من
المنافقين والمشركين، فإنهم إن أطاعوهم لم يريدوا لهم إلا الشر، وهم
[قصدهم] ردهم إلى الكفر الذي عاقبته الخيبة والخسران.
نداءات الرحمن 12146d1323525002
6
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا
كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي
الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا
قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ
يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156)

نداءات الرحمن 12145d1323524811
ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يشابهوا الكافرين، الذين لا يؤمنون بربهم، ولا بقضائه وقدره، من المنافقين وغيرهم.

ينهاهم عن مشابهتهم في كل شيء، وفي هذا الأمر الخاص وهو أنهم يقولون لإخوانهم في الدين أو في النسب: ( إذا ضربوا في الأرض ) أي: سافروا للتجارة ( أو كانوا غزى ) أي: غزاة، ثم جرى عليهم قتل أو موت، يعارضون القدر ويقولون: ( لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ) وهذا كذب منهم، فقد قال تعالى: ( قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ) ولكن
هذا التكذيب لم يفدهم، إلا أن الله يجعل هذا القول، وهذه العقيدة حسرة في
قلوبهم، فتزداد مصيبتهم، وأما المؤمنون بالله فإنهم يعلمون أن ذلك بقدر
الله، فيؤمنون ويسلمون، فيهدي الله قلوبهم ويثبتها، ويخفف بذلك عنهم
المصيبة.

قال الله ردا عليهم: ( والله يحيي ويميت ) أي: هو المنفرد بذلك، فلا يغني حذر عن قدر.

( والله بما تعملون بصير ) فيجازيكم بأعمالكم وتكذيبكم.
نداءات الرحمن 12146d1323525002
7
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)
نداءات الرحمن 12145d1323524811
حض الله المؤمنين على ما يوصلهم إلى الفلاح - وهو: الفوز والسعادة والنجاح، وأن الطريق الموصل إلى ذلك لزوم الصبر،
الذي هو حبس النفس على ما تكرهه، من ترك المعاصي، ومن الصبر على المصائب،
وعلى الأوامر الثقيلة على النفوس، فأمرهم بالصبر على جميع ذلك.

والمصابرة أي الملازمة والاستمرار على ذلك، على الدوام، ومقاومة الأعداء في جميع الأحوال.

والمرابطة: وهي لزوم المحل الذي يخاف من وصول العدو منه، وأن يراقبوا أعداءهم، ويمنعوهم من الوصول إلى مقاصدهم، لعلهم يفلحون: يفوزون بالمحبوب الديني والدنيوي والأخروي، وينجون من المكروه كذلك.

فعلم من هذا أنه لا سبيل إلى الفلاح بدون الصبر
والمصابرة والمرابطة المذكورات، فلم يفلح من أفلح إلا بها، ولم يفت أحدا
الفلاح إلا بالإخلال بها أو ببعضها.

والله الموفق ولا حول ولا قوة إلا به.
مع نداء جديد من نداءات الرحمن
فى سوره النساء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:25

نداءات الرحمن بسوره النساء وعددها تسعه
نداءات الرحمن 12147d1323528008
1
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ
لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ
بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ
كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ
فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) .

نداءات الرحمن 12148d1323528523
كانوا في الجاهلية إذا مات أحدهم عن
زوجته، رأى قريبُه كأخيه وابن عمه ونحوهما أنه أحق بزوجته من كل أحد،
وحماها عن غيره، أحبت أو كرهت.

فإن أحبها تزوجها على صداق يحبه دونها، وإن لم يرضها عضلها فلا يزوجها إلا
من يختاره هو، وربما امتنع من تزويجها حتى تبذل له شيئًا من ميراث قريبه
أو من صداقها، وكان الرجل أيضا يعضل زوجته التي [يكون] يكرهها ليذهب ببعض
ما آتاها، فنهى الله المؤمنين عن جميع هذه الأحوال إلا حالتين: إذا رضيت
واختارت نكاح قريب زوجها الأول، كما هو مفهوم قوله: ( كَرْهًا ) وإذا
أتين بفاحشة مبينة كالزنا والكلام الفاحش وأذيتها لزوجها فإنه في هذه
الحال يجوز له أن يعضلها، عقوبة لها على فعلها لتفتدي منه إذا كان عضلا
بالعدل.

ثم قال: ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ )
وهذا يشمل المعاشرة القولية والفعلية، فعلى الزوج أن يعاشر زوجته
بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى وبذل الإحسان، وحسن المعاملة،
ويدخل في ذلك النفقة والكسوة ونحوهما، فيجب على الزوج لزوجته المعروف من
مثله لمثلها في ذلك الزمان والمكان، وهذا يتفاوت بتفاوت الأحوال.

( فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا )
أي: ينبغي لكم -أيها الأزواج- أن تمسكوا زوجاتكم مع الكراهة لهن، فإن في
ذلك خيرًا كثيرًا. من ذلك امتثال أمر الله، وقبولُ وصيته التي فيها سعادة
الدنيا والآخرة.

ومنها أن إجباره نفسَه -مع عدم محبته لها- فيه مجاهدة النفس، والتخلق
بالأخلاق الجميلة. وربما أن الكراهة تزول وتخلفها المحبة، كما هو الواقع في
ذلك. وربما رزق منها ولدا صالحا نفع والديه في الدنيا والآخرة. وهذا كله
مع الإمكان في الإمساك وعدم المحذور.

فإن كان لا بد من الفراق، وليس للإمساك محل، فليس الإمساك بلازم.

نداءات الرحمن 12149d1323528781
2
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ
إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا
أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)
نداءات الرحمن 12148d1323528523
ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يأكلوا
أموالهم بينهم بالباطل، وهذا يشمل أكلها بالغصوب والسرقات، وأخذها بالقمار
والمكاسب الرديئة. بل لعله يدخل في ذلك أكل مال نفسك على وجه البطر
والإسراف، لأن هذا من الباطل وليس من الحق.

ثم إنه -لما حرم أكلها بالباطل- أباح لهم أكلها بالتجارات والمكاسب الخالية من الموانع، المشتملة على الشروط من التراضي وغيره.

( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) أي: لا
يقتل بعضكم بعضًا، ولا يقتل الإنسان نفسه. ويدخل في ذلك الإلقاءُ بالنفس
إلى التهلكة، وفعلُ الأخطار المفضية إلى التلف والهلاك ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) ومن رحمته أن صان نفوسكم وأموالكم، ونهاكم عن إضاعتها وإتلافها، ورتب على ذلك ما رتبه من الحدود.

وتأمل هذا الإيجاز والجمع في قوله: ( لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ ) ( وَلا
تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) كيف شمل أموال غيرك ومال نفسك وقتل نفسك وقتل
غيرك بعبارة أخصر من قوله: "لا يأكل بعضكم مال بعض" و "لا يقتل بعضكم
بعضًا" مع قصور هذه العبارة على مال الغير ونفس الغير فقط.

مع أن إضافة الأموال والأنفس إلى عموم المؤمنين فيه دلالة على أن المؤمنين
في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ومصالحهم كالجسد الواحد، حيث كان الإيمان
يجمعهم على مصالحهم الدينية والدنيوية.

ولما نهى عن أكل الأموال بالباطل التي فيها غاية الضرر عليهم، على الآكل،
ومن أخذ ماله، أباح لهم ما فيه مصلحتهم من أنواع المكاسب والتجارات، وأنواع
الحرف والإجارات، فقال: ( إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) أي: فإنها مباحة لكم.

وشرط التراضي -مع كونها تجارة- لدلالة أنه يشترط أن يكون العقد غير عقد ربا
لأن الربا ليس من التجارة، بل مخالف لمقصودها، وأنه لا بد أن يرضى كل من
المتعاقدين ويأتي به اختيارًا.

ومن تمام الرضا أن يكون المعقود عليه معلوما، لأنه إذا لم يكن كذلك لا
يتصور الرضا مقدورًا على تسليمه، لأن غير المقدور عليه شبيه ببيع القمار،
فبيع الغرر بجميع أنواعه خال من الرضا فلا ينفذ عقده.

وفيها أنه تنعقد العقود بما دل عليها من قول أو فعل، لأن الله شرط الرضا فبأي طريق حصل الرضا انعقد به العقد. ثم ختم الآية بقوله: ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) ومن رحمته أن عصم دماءكم وأموالكم وصانها ونهاكم عن انتهاكها.
نداءات الرحمن 12149d1323528781


3
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى
تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى
تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ
أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ
تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا
بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)

نداءات الرحمن 12150d1323532589
ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يقربوا الصلاة وهم
سكارى، حتى يعلموا ما يقولون، وهذا شامل لقربان مواضع الصلاة، كالمسجد،
فإنه لا يمكَّن السكران من دخوله. وشامل لنفس الصلاة، فإنه لا يجوز
للسكران صلاة ولا عبادة، لاختلاط عقله وعدم علمه بما يقول، ولهذا حدد
تعالى ذلك وغياه إلى وجود العلم بما يقول السكران. وهذه الآية الكريمة منسوخة بتحريم الخمر مطلقا، فإن الخمر -في أول الأمر- كان غير محرم، ثم إن الله تعالى عرض لعباده بتحريمه بقوله:
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ
كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا

ثم إنه تعالى نهاهم عن الخمر عند حضور الصلاة كما في هذه الآية، ثم إنه تعالى حرمه على الإطلاق في جميع الأوقات في قوله:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ
وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ
فَاجْتَنِبُوهُ
الآية.

ومع هذا فإنه يشتد تحريمه وقت حضور الصلاة لتضمنه هذه المفسدة العظيمة، بعد
حصول مقصود الصلاة الذي هو روحها ولبها وهو الخشوع وحضور القلب، فإن
الخمر يسكر القلب، ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة، ويؤخذ من المعنى منع
الدخول في الصلاة في حال النعاس المفرط، الذي لا يشعر صاحبه بما يقول
ويفعل، بل لعل فيه إشارة إلى أنه ينبغي لمن أراد الصلاة أن يقطع عنه كل
شاغل يشغل فكره، كمدافعة الأخبثين والتوق لطعام ونحوه كما ورد في ذلك
الحديث الصحيح.

ثم قال: ( وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ ) أي: لا تقربوا الصلاة حالة كون أحدكم جنبا، إلا في هذه الحال وهو عابر السبيل أي: تمرون في المسجد ولا تمكثون فيه، ( حَتَّى تَغْتَسِلُوا ) أي: فإذا اغتسلتم فهو غاية المنع من قربان الصلاة للجنب، فيحل للجنب المرور في المسجد فقط.

( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ
جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ
فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ) .

فأباح التيمم للمريض مطلقًا مع وجود الماء وعدمه، والعلة المرض الذي يشق
معه استعمال الماء، وكذلك السفر فإنه مظنة فقد الماء، فإذا فقده المسافر أو
وجد ما يتعلق بحاجته من شرب ونحوه، جاز له التيمم.

وكذلك إذا أحدث الإنسان ببول أو غائط أو ملامسة النساء، فإنه يباح له
التيمم إذا لم يجد الماء، حضرًا وسفرًا كما يدل على ذلك عموم الآية.
والحاصل: أن الله تعالى أباح التيمم في حالتين:

حال عدم الماء، وهذا مطلقا في الحضر والسفر، وحال المشقة باستعماله بمرض ونحوه.

واختلف المفسرون في معنى قوله: ( أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ )
هل المراد بذلك: الجماع فتكون الآية نصا في جواز التيمم للجنب، كما
تكاثرت بذلك الأحاديث الصحيحة؟ أو المراد بذلك مجرد اللمس باليد، ويقيد
ذلك بما إذا كان مظنة خروج المذي، وهو المس الذي يكون لشهوة فتكون الآية
دالة على نقض الوضوء بذلك؟

واستدل الفقهاء بقوله: ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً )
بوجوب طلب الماء عند دخول الوقت، قالوا: لأنه لا يقال: "لم يجد" لمن لم
يطلب، بل لا يكون ذلك إلا بعد الطلب، واستدل بذلك أيضا على أن الماء
المتغير بشيء من الطاهرات يجوز بل يتعين التطهر به لدخوله في قوله: ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً ) وهذا ماء. ونوزع في ذلك أنه ماء غير مطلق وفي ذلك نظر.

وفي هذه الآية الكريمة مشروعية هذا الحكم العظيم الذي امتن به الله على هذه
الأمة، وهو مشروعية التيمم، وقد أجمع على ذلك العلماء ولله الحمد، وأن التيمم يكون بالصعيد الطيب، وهو كل ما تصاعد على وجه الأرض سواء كان له غبار أم لا ويحتمل أن يختص ذلك بذي الغبار لأن الله قال: ( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) وما لا غبار له لا يمسح به.

وقوله: ( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ )
هذا محل المسح في التيمم: الوجه جميعه واليدان إلى الكوعين، كما دلت على
ذلك الأحاديث الصحيحة، ويستحب أن يكون ذلك بضربة واحدة، كما دل على ذلك
حديث عمار، وفيه أن تيمم الجنب كتيمم غيره، بالوجه واليدين.

فائدة :

اعلم أن قواعد الطب تدور على ثلاث قواعد: حفظ الصحة
عن المؤذيات، والاستفراغ منها، والحمية عنها. وقد نبه تعالى عليها في
كتابه العزيز.

أما حفظ الصحة والحمية عن المؤذي، فقد أمر
بالأكل والشرب وعدم الإسراف في ذلك، وأباح للمسافر والمريض الفطر حفظا
لصحتهما، باستعمال ما يصلح البدن على وجه العدل، وحماية للمريض عما يضره.

وأما استفراغ المؤذي فقد أباح تعالى للمحْرِم
المتأذي برأسه أن يحلقه لإزالة الأبخرة المحتقنة فيه، ففيه تنبيه على
استفراغ ما هو أولى منها من البول والغائط والقيء والمني والدم، وغير ذلك،
نبه على ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى.

وفي الآية وجوب تعميم مسح الوجه واليدين، وأنه يجوز التيمم ولو لم يضق
الوقت، وأنه لا يخاطب بطلب الماء إلا بعد وجود سبب الوجوب والله أعلم.

ثم ختم الآية بقوله: ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ) أي: كثير العفو والمغفرة لعباده المؤمنين، بتيسير ما أمرهم به، وتسهيله غاية التسهيل، بحيث لا يشق على العبد امتثاله، فيحرج بذلك.

ومن عفوه ومغفرته أن رحم هذه الأمة بشرع طهارة التراب بدل الماء، عند تعذر
استعماله. ومن عفوه ومغفرته أن فتح للمذنبين باب التوبة والإنابة ودعاهم
إليه ووعدهم بمغفرة ذنوبهم. ومن عفوه ومغفرته أن المؤمن لو أتاه بقراب
الأرض خطايا ثم لقيه لا يشرك به شيئا، لأتاه بقرابها مغفرة.
نداءات الرحمن 12151d1323533080
4
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ
فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ
تَأْوِيلا (59)
نداءات الرحمن 12150d1323532589
أمر الله بطاعته وطاعة رسوله وذلك
بامتثال أمرهما، الواجب والمستحب، واجتناب نهيهما. وأمر بطاعة أولي الأمر
وهم: الولاة على الناس، من الأمراء والحكام والمفتين، فإنه لا يستقيم
للناس أمر دينهم ودنياهم إلا بطاعتهم والانقياد لهم، طاعة لله ورغبة فيما
عنده، ولكن بشرط ألا يأمروا بمعصية الله، فإن أمروا بذلك فلا طاعة لمخلوق
في معصية الخالق. ولعل هذا هو السر في حذف الفعل عند الأمر بطاعتهم وذكره
مع طاعة الرسول، فإن الرسول لا يأمر إلا بطاعة الله، ومن يطعه فقد أطاع
الله، وأما أولو الأمر فشرط الأمر بطاعتهم أن لا يكون معصية.

ثم أمر برد كل ما تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه إلى الله وإلى
رسوله أي: إلى كتاب الله وسنة رسوله؛ فإن فيهما الفصل في جميع المسائل
الخلافية، إما بصريحهما أو عمومهما؛ أو إيماء، أو تنبيه، أو مفهوم، أو عموم
معنى يقاس عليه ما أشبهه، لأن كتاب الله وسنة رسوله عليهما بناء الدين،
ولا يستقيم الإيمان إلا بهما.
فالرد إليهما شرط في الإيمان فلهذا قال: ( إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) فدل ذلك على أن من لم يرد إليهما مسائل النزاع فليس بمؤمن حقيقة، بل مؤمن بالطاغوت، كما ذكر في الآية بعدها ( ذَلِكَ ) أي: الرد إلى الله ورسوله ( خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا ) فإن حكم الله ورسوله أحسن الأحكام وأعدلها وأصلحها للناس في أمر دينهم ودنياهم وعاقبتهم.
نداءات الرحمن 12151d1323533080
5
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71)
نداءات الرحمن 12150d1323532589
يأمر تعالى عباده المؤمنين بأخذ حذرهم
من أعدائهم الكافرين. وهذا يشمل الأخذ بجميع الأسباب، التي بها يستعان على
قتالهم ويستدفع مكرهم وقوتهم، من استعمال الحصون والخنادق، وتعلم الرمي
والركوب، وتعلم الصناعات التي تعين على ذلك، وما به يعرف مداخلهم،
ومخارجهم، ومكرهم، والنفير في سبيل الله.

ولهذا قال: ( فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ ) أي: متفرقين بأن تنفر سرية أو جيش، ويقيم غيرهم ( أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا ) وكل هذا تبع للمصلحة والنكاية، والراحة للمسلمين في دينهم، وهذه الآية نظير قوله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ
نداءات الرحمن 12151d1323533080
6
.يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ
السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ
فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا
تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94) .
نداءات الرحمن 12150d1323532589
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:26

يأمر تعالى
عباده المؤمنين إذا خرجوا جهادًا في سبيله وابتغاء مرضاته أن يتبينوا
ويتثبتوا في جميع أمورهم المشتبهة. فإن الأمور قسمان: واضحة وغير واضحة.
فالواضحة البيِّنة لا تحتاج إلى تثبت وتبين، لأن ذلك تحصيل حاصل. وأما
الأمور المشكلة غير الواضحة فإن الإنسان يحتاج إلى التثبت فيها والتبين،
ليعرف هل يقدم عليها أم لا؟

فإن التثبت في هذه الأمور يحصل فيه من الفوائد الكثيرة، والكف لشرور عظيمة،
ما به يعرف دين العبد وعقله ورزانته، بخلاف المستعجل للأمور في بدايتها
قبل أن يتبين له حكمها، فإن ذلك يؤدي إلى ما لا ينبغي، كما جرى لهؤلاء
الذين عاتبهم الله في الآية لمـَّا لم يتثبتوا وقتلوا من سلم عليهم، وكان
معه غنيمة له أو مال غيره، ظنًّا أنه يستكفي بذلك قتلَهم، وكان هذا خطأ في
نفس الأمر، فلهذا عاتبهم بقوله: ( وَلا تَقُولُوا
لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ )
أي: فلا يحملنكم العرض الفاني القليل على ارتكاب ما لا ينبغي فيفوتكم ما عند الله من الثواب الجزيل الباقي، فما عند الله خير وأبقى.

وفي هذا إشارة إلى أن العبد ينبغي له إذا رأى دواعي نفسه مائلة إلى حالة له
فيها هوى وهي مضرة له، أن يُذَكِّرها ما أعد الله لمن نهى نفسه عن هواها،
وقدَّم مرضاة الله على رضا نفسه، فإن في ذلك ترغيبًا للنفس في امتثال أمر
الله، وإن شق ذلك عليها.

ثم قال تعالى مذكرًا لهم بحالهم الأولى، قبل هدايتهم إلى الإسلام: ( كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ )
أي: فكما هداكم بعد ضلالكم فكذلك يهدي غيركم، وكما أن الهداية حصلت لكم
شيئًا فشيئًا، فكذلك غيركم. فنظر الكامل لحاله الأولى الناقصة، ومعاملته
لمن كان - على مثلها بمقتضى ما يعرف من حاله الأولى، ودعاؤه له بالحكمة
والموعظة الحسنة - من أكبر الأسباب لنفعه وانتفاعه، ولهذا أعاد الأمر
بالتبين فقال: ( فَتَبَيَّنُوا ) .

فإذا كان من خرج للجهاد في سبيل الله، ومجاهدة أعداء الله، وقد استعد
بأنواع الاستعداد للإيقاع بهم، مأمورًا بالتبين لمن ألقى إليه السلام،
وكانت القرينة قوية في أنه إنما سلم تعوذا من القتل وخوفا على نفسه - فإن
ذلك يدل على الأمر بالتبين والتثبت في كل الأحوال التي يقع فيها نوع
اشتباه، فيتثبت فيها العبد، حتى يتضح له الأمر ويتبين الرشد والصواب.

( إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) فيجازي كُلا ما عمله ونواه، بحسب ما علمه من أحوال عباده ونياتهم.
نداءات الرحمن 12151d1323533080
7
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ
بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ
الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا
فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا
وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ
خَبِيرًا (135) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:26

يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا ( قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ )
والقوَّام صيغة مبالغة، أي: كونوا في كل أحوالكم قائمين بالقسط الذي هو
العدل في حقوق الله وحقوق عباده، فالقسط في حقوق الله أن لا يستعان بنعمه
على معصيته، بل تصرف في طاعته.

والقسط في حقوق الآدميين أن تؤدي جميع الحقوق التي عليك كما تطلب حقوقك.
فتؤدي النفقات الواجبة، والديون، وتعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، من
الأخلاق والمكافأة وغير ذلك.

ومن أعظم أنواع القسط القسط في المقالات والقائلين، فلا يحكم لأحد القولين
أو أحد المتنازعين لانتسابه أو ميله لأحدهما، بل يجعل وجهته العدل بينهما،
ومن القسط أداء الشهادة التي عندك على أي وجه كان، حتى على الأحباب بل
على النفس، ولهذا قال: ( شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ
عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ
غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا )
أي: فلا تراعوا الغني لغناه، ولا الفقير بزعمكم رحمة له، بل اشهدوا بالحق على من كان.

والقيام بالقسط من أعظم الأمور وأدل على دين القائم به، وورعه ومقامه في
الإسلام، فيتعين على من نصح نفسه وأراد نجاتها أن يهتم له غاية الاهتمام،
وأن يجعله نُصْب عينيه، ومحل إرادته، وأن يزيل عن نفسه كل مانع وعائق يعوقه
عن إرادة القسط أو العمل به.

وأعظم عائق لذلك اتباع الهوى، ولهذا نبه تعالى على إزالة هذا المانع بقوله: ( فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا )
أي: فلا تتبعوا شهوات أنفسكم المعارضة للحق، فإنكم إن اتبعتموها عدلتم عن
الصواب، ولم توفقوا للعدل، فإن الهوى إما أن يعمي بصيرة صاحبه حتى يرى
الحق باطلا والباطل حقا، وإما أن يعرف الحق ويتركه لأجل هواه، فمن سلم من
هوى نفسه وفق للحق وهدي إلى الصراط المستقيم.

ولما بيَّن أن الواجب القيام بالقسط نهى عن ما يضاد ذلك، وهو لي اللسان عن
الحق في الشهادات وغيرها، وتحريف النطق عن الصواب المقصود من كل وجه، أو
من بعض الوجوه، ويدخل في ذلك تحريف الشهادة وعدم تكميلها، أو تأويل الشاهد
على أمر آخر، فإن هذا من اللي لأنه الانحراف عن الحق. ( أَوْ تُعْرِضُوا ) أي: تتركوا القسط المنوط بكم، كترك الشاهد لشهادته، وترك الحاكم لحكمه الذي يجب عليه القيام به.

( فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) أي:
محيط بما فعلتم، يعلم أعمالكم خفيها وجليها، وفي هذا تهديد شديد للذي
يلوي أو يعرض. ومن باب أولى وأحرى الذي يحكم بالباطل أو يشهد بالزور، لأنه
أعظم جرما، لأن الأولين تركا الحق، وهذا ترك الحق وقام بالباطل.
نداءات الرحمن 12151d1323533080
8
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ
الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ
وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا
(136) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:26

اعلم أن الأمر
إما أن يوجه إلى من لم يدخل في الشيء ولم يتصف بشيء منه، فهذا يكون أمرا
له في الدخول فيه، وذلك كأمر من ليس بمؤمن بالإيمان، كقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ الآية.

وإما أن يوجه إلى من دخل في الشيء فهذا يكون أمره ليصحح ما وجد منه ويحصل
ما لم يوجد، ومنه ما ذكره الله في هذه الآية من أمر المؤمنين بالإيمان، فإن
ذلك يقتضي أمرهم بما يصحح إيمانهم من الإخلاص والصدق، وتجنب المفسدات
والتوبة من جميع المنقصات.

ويقتضي أيضا الأمر بما لم يوجد من المؤمن من علوم الإيمان وأعماله، فإنه
كلما وصل إليه نص وفهم معناه واعتقده فإن ذلك من الإيمان المأمور به.

وكذلك سائر الأعمال الظاهرة والباطنة، كلها من الإيمان كما دلت على ذلك النصوص الكثيرة، وأجمع عليه سلف الأمة.

ثم الاستمرار على ذلك والثبات عليه إلى الممات كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
وأمر هنا بالإيمان به وبرسوله، وبالقرآن وبالكتب المتقدمة، فهذا كله من
الإيمان الواجب الذي لا يكون العبد مؤمنا إلا به، إجمالا فيما لم يصل إليه
تفصيله وتفصيلا فيما علم من ذلك بالتفصيل، فمن آمن هذا الإيمان المأمور
به، فقد اهتدى وأنجح. ( وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا ) وأي ضلال أبعد من ضلال من ترك طريق الهدى المستقيم، وسلك الطريق الموصلة له إلى العذاب الأليم؟"

واعلم أن الكفر بشيء من هذه المذكورات كالكفر بجميعها، لتلازمها وامتناع وجود الإيمان ببعضها دون بعض
نداءات الرحمن 12151d1323533080
9
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا
الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ
تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144) .
نداءات الرحمن 12150d1323532589
لما ذكر أن من صفات المنافقين اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، نهى
عباده المؤمنين أن يتصفوا بهذه الحالة القبيحة، وأن يشابهوا المنافقين،
فإن ذلك موجب لأن ( تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا ) أي: حجة واضحة على عقوبتكم، فإنه قد أنذرنا وحذرنا منها، وأخبرنا بما فيها من المفاسد، فسلوكها بعد هذا موجِب للعقاب.

وفي هذه الآية دليل على كمال عدل الله، وأن الله لا يُعَذِّب أحدا قبل قيام
الحجة عليه، وفيه التحذير من المعاصي؛ فإن فاعلها يجعل لله عليه سلطانا
مبينا.
مع لقاء جديد من نداءات الرحمن فى سوره المائده
نداءات الرحمن 12152d1323534794
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:26

نداءات الرحمن فى سوره المائده وعددها سته عشر
نداءات الرحمن 12207d1323700013
1
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ
الأَنْعَامِ إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ
وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1) .

هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين بما يقتضيه الإيمان بالوفاء
بالعقود، أي: بإكمالها، وإتمامها، وعدم نقضها ونقصها. وهذا شامل للعقود
التي بين العبد وبين ربه، من التزام عبوديته، والقيام بها أتم قيام، وعدم
الانتقاص من حقوقها شيئا، والتي بينه وبين الرسول بطاعته واتباعه، والتي
بينه وبين الوالدين والأقارب، ببرهم وصلتهم، وعدم قطيعتهم.

والتي بينه وبين أصحابه من القيام بحقوق الصحبة في الغنى والفقر، واليسر
والعسر، والتي بينه وبين الخلق من عقود المعاملات، كالبيع والإجارة،
ونحوهما، وعقود التبرعات كالهبة ونحوها، بل والقيام بحقوق المسلمين التي
عقدها الله بينهم في قوله: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ بالتناصر على الحق، والتعاون عليه والتآلف بين المسلمين وعدم التقاطع.

فهذا الأمر شامل لأصول الدين وفروعه، فكلها داخلة في العقود التي أمر الله بالقيام بها .

ثم قال ممتنا على عباده: ( أُحِلَّتْ لَكُمْ ) أي: لأجلكم، رحمة بكم ( بَهِيمَةُ الأنْعَامِ ) من الإبل والبقر والغنم، بل ربما دخل في ذلك الوحشي منها، والظباء وحمر الوحش، ونحوها من الصيود.

واستدل بعض الصحابة بهذه الآية على إباحة الجنين الذي يموت في بطن أمه بعدما تذبح.

( إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ) تحريمه منها في قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ إلى آخر الآية. فإن هذه المذكورات وإن كانت من بهيمة الأنعام فإنها محرمة.

ولما كانت إباحة بهيمة الأنعام عامة في جميع الأحوال والأوقات، استثنى منها الصيد في حال الإحرام فقال: ( غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ )
أي: أحلت لكم بهيمة الأنعام في كل حال، إلا حيث كنتم متصفين بأنكم غير
محلي الصيد وأنتم حرم، أي: متجرئون على قتله في حال الإحرام، وفي الحرم،
فإن ذلك لا يحل لكم إذا كان صيدا، كالظباء ونحوه.

والصيد هو الحيوان المأكول المتوحش.

( إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ) أي: فمهما أراده تعالى حكم به حكما موافقا لحكمته، كما أمركم بالوفاء بالعقود لحصول مصالحكم ودفع المضار عنكم.

وأحل لكم بهيمة الأنعام رحمة بكم، وحرم عليكم ما استثنى منها من ذوات
العوارض، من الميتة ونحوها، صونا لكم واحتراما، ومن صيد الإحرام احتراما
للإحرام وإعظاما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:27

يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا
الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ
الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا
وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ
أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى
الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ
الْعِقَابِ (2)
.

يقول تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ )
أي: محرماته التي أمركم بتعظيمها، وعدم فعلها، والنهي يشمل النهي عن
فعلها، والنهي عن اعتقاد حلها؛ فهو يشمل النهي، عن فعل القبيح، وعن
اعتقاده.

ويدخل في ذلك النهي عن محرمات الإحرام، ومحرمات الحرم. ويدخل في ذلك ما نص عليه بقوله: ( وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ ) أي: لا تنتهكوه بالقتال فيه وغيره من أنواع الظلم كما قال تعالى: إِنَّ
عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ
اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ
ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ .


والجمهور من العلماء على أن القتال في الأشهر الحرم منسوخ بقوله تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وغير ذلك من العمومات التي فيها الأمر بقتال الكفار مطلقا، والوعيد في التخلف عن قتالهم مطلقا.

وبأن النبي قاتل أهل الطائف في ذي القعدة، وهو من الأشهر الحرم.

وقال آخرون: إن النهي عن القتال في الأشهر الحرم غير منسوخ لهذه الآية
وغيرها، مما فيه النهي عن ذلك بخصوصه، وحملوا النصوص المطلقة الواردة على
ذلك، وقالوا: المطلق يحمل على المقيد.

وفصل بعضهم فقال: لا يجوز ابتداء القتال في الأشهر الحرم، وأما استدامته وتكميله إذا كان أوله في غيرها، فإنه يجوز.

وحملوا قتال النبي لأهل الطائف على ذلك، لأن أول قتالهم في "حنين" في "شوال". وكل هذا في القتال الذي ليس المقصود منه الدفع.

فأما قتال الدفع إذا ابتدأ الكفار المسلمين بالقتال، فإنه يجوز للمسلمين
القتال، دفعا عن أنفسهم في الشهر الحرام وغيره بإجماع العلماء.

وقوله: ( وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ )
أي: ولا تحلوا الهدي الذي يهدى إلى بيت الله في حج أو عمرة، أو غيرهما، من
نعم وغيرها، فلا تصدوه عن الوصول إلى محله، ولا تأخذوه بسرقة أو غيرها،
ولا تقصروا به، أو تحملوه ما لا يطيق، خوفا من تلفه قبل وصوله إلى محله،
بل عظموه وعظموا من جاء به.

( وَلا الْقَلائِدَ ) هذا نوع خاص من أنواع
الهدي، وهو الهدي الذي يفتل له قلائد أو عرى، فيجعل في أعناقه إظهارا
لشعائر الله، وحملا للناس على الاقتداء، وتعليما لهم للسنة، وليعرف أنه
هدي فيحترم، ولهذا كان تقليد الهدي من السنن والشعائر المسنونة.

( وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ) أي: قاصدين له ( يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا )
أي: من قصد هذا البيت الحرام، وقصده فضل الله بالتجارة والمكاسب المباحة،
أو قصده رضوان الله بحجه وعمرته والطواف به، والصلاة، وغيرها من أنواع
العبادات، فلا تتعرضوا له بسوء، ولا تهينوه، بل أكرموه، وعظموا الوافدين
الزائرين لبيت ربكم.

ودخل في هذا الأمر الأمرُ بتأمين الطرق الموصلة إلى بيت الله وجعل القاصدين
له مطمئنين مستريحين، غير خائفين على أنفسهم من القتل فما دونه، ولا على
أموالهم من المكس والنهب ونحو ذلك.

وهذه الآية الكريمة مخصوصة بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا فالمشرك لا يُمَكَّن من الدخول إلى الحرم.

والتخصيص في هذه الآية بالنهي عن التعرض لمن قصد البيت ابتغاء فضل الله أو
رضوانه -يدل على أن من قصده ليلحد فيه بالمعاصي، فإن من تمام احترام الحرم
صد من هذه حاله عن الإفساد ببيت الله، كما قال تعالى: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ .

ولما نهاهم عن الصيد في حال الإحرام قال: ( وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا )
أي: إذا حللتم من الإحرام بالحج والعمرة، وخرجتم من الحرم حل لكم
الاصطياد، وزال ذلك التحريم. والأمر بعد التحريم يرد الأشياء إلى ما كانت
عليه من قبل.

( وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا )
أي: لا يحملنكم بغض قوم وعداوتهم واعتداؤهم عليكم، حيث صدوكم عن المسجد،
على الاعتداء عليهم، طلبا للاشتفاء منهم، فإن العبد عليه أن يلتزم أمر
الله، ويسلك طريق العدل، ولو جُنِي عليه أو ظلم واعتدي عليه، فلا يحل له أن
يكذب على من كذب عليه، أو يخون من خانه.

( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ) أي: ليعن بعضكم بعضا على البر. وهو: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأعمال الظاهرة والباطنة، من حقوق الله وحقوق الآدميين.

والتقوى في هذا الموضع: اسم جامع لترك كل ما يكرهه الله ورسوله، من الأعمال
الظاهرة والباطنة. وكلُّ خصلة من خصال الخير المأمور بفعلها، أو خصلة من
خصال الشر المأمور بتركها، فإن العبد مأمور بفعلها بنفسه، وبمعاونة غيره
من إخوانه المؤمنين عليها، بكل قول يبعث عليها وينشط لها، وبكل فعل كذلك.

( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ ) وهو التجرؤ على المعاصي التي يأثم صاحبها، ويحرج. ( وَالْعُدْوَانِ ) وهو التعدي على الخَلْق في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، فكل معصية وظلم يجب على العبد كف نفسه عنه، ثم إعانة غيره على تركه.

( وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) على من عصاه وتجرأ على محارمه، فاحذروا المحارم لئلا يحل بكم عقابه العاجل والآجل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:27

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ
وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ
وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا
فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ
أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ
تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا
بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ
عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ
نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)
.

هذه آية عظيمة قد اشتملت على أحكام كثيرة، نذكر منها ما يسره الله وسهله.

أحدها: أن هذه المذكورات فيها امتثالها والعمل بها من لوازم الإيمان الذي لا يتم إلا به، لأنه صدرها بقوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) إلى آخرها. أي: يا أيها الذين آمنوا، اعملوا بمقتضى إيمانكم بما شرعناه لكم.

الثاني: الأمر بالقيام بالصلاة لقوله: ( إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ) .

الثالث: الأمر بالنية للصلاة، لقوله: ( إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ) أي: بقصدها ونيتها.

الرابع: اشتراط الطهارة لصحة الصلاة، لأن الله أمر بها عند القيام إليها، والأصل في الأمر الوجوب.

الخامس: أن الطهارة لا تجب بدخول الوقت، وإنما تجب عند إرادة الصلاة.

السادس: أن كل ما يطلق عليه اسم الصلاة، من
الفرض والنفل، وفرض الكفاية، وصلاة الجنازة، تشترط له الطهارة، حتى
السجود المجرد عند كثير من العلماء، كسجود التلاوة والشكر.

السابع: الأمر بغسل الوجه، وهو: ما تحصل به
المواجهة من منابت شعر الرأس المعتاد، إلى ما انحدر من اللحيين والذقن
طولا. ومن الأذن إلى الأذن عرضا.

ويدخل فيه المضمضة والاستنشاق، بالسنة، ويدخل فيه الشعور التي فيه. لكن إن
كانت خفيفة فلا بد من إيصال الماء إلى البشرة، وإن كانت كثيفة اكتفي
بظاهرها.

الثامن: الأمر بغسل اليدين، وأن حدهما إلى المرفقين و"إلى" كما قال جمهور المفسرين بمعنى "مع" كقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ ولأن الواجب لا يتم إلا بغسل جميع المرفق.

التاسع: الأمر بمسح الرأس.

العاشر: أنه يجب مسح جميعه، لأن الباء ليست للتبعيض، وإنما هي للملاصقة، وأنه يعم المسح بجميع الرأس.

الحادي عشر: أنه يكفي المسح كيفما كان، بيديه أو إحداهما، أو خرقة أو خشبة أو نحوهما، لأن الله أطلق المسح ولم يقيده بصفة، فدل ذلك على إطلاقه.

الثاني عشر: أن الواجب المسح. فلو غسل رأسه ولم يمر يده عليه لم يكف، لأنه لم يأت بما أمر الله به.

الثالث عشر: الأمر بغسل الرجلين إلى الكعبين، ويقال فيهما ما يقال في اليدين.

الرابع عشر: فيها الرد على الرافضة، على قراءة الجمهور بالنصب، وأنه لا يجوز مسحهما ما دامتا مكشوفتين.

الخامس عشر: فيه الإشارة إلى مسح الخفين، على قراءة الجر في ( وأرجلكم ) .
وتكون كل من القراءتين، محمولة على معنى، فعلى قراءة النصب فيها، غسلهما إن
كانتا مكشوفتين، وعلى قراءة الجر فيها، مسحهما إذا كانتا مستورتين بالخف.

السادس عشر: الأمر بالترتيب في الوضوء، لأن الله تعالى ذكرها مرتبة.

ولأنه أدخل ممسوحا -وهو الرأس- بين مغسولين، ولا يعلم لذلك فائدة غير الترتيب.

السابع عشر: أن الترتيب مخصوص بالأعضاء الأربعة المسميات في هذه الآية.

وأما الترتيب بين المضمضة والاستنشاق والوجه، أو بين اليمنى واليسرى من
اليدين والرجلين، فإن ذلك غير واجب، بل يستحب تقديم المضمضة والاستنشاق على
غسل الوجه، وتقديم اليمنى على اليسرى من اليدين والرجلين، وتقديم مسح
الرأس على مسح الأذنين.

الثامن عشر: الأمر بتجديد الوضوء عند كل صلاة، لتوجد صورة المأمور به.

التاسع عشر: الأمر بالغسل من الجنابة.

العشرون: أنه يجب تعميم الغسل للبدن، لأن الله أضاف التطهر للبدن، ولم يخصصه بشيء دون شيء.

الحادي والعشرون: الأمر بغسل ظاهر الشعر وباطنه في الجنابة.

الثاني والعشرون: أنه يندرج الحدث الأصغر
في الحدث الأكبر، ويكفي من هما عليه أن ينوي، ثم يعمم بدنه، لأن الله لم
يذكر إلا التطهر، ولم يذكر أنه يعيد الوضوء.

الثالث والعشرون: أن الجنب يصدق على من أنزل المني يقظة أو مناما، أو جامع ولو لم ينزل.

الرابع والعشرون: أن من ذكر أنه احتلم ولم يجد بللا فإنه لا غسل عليه، لأنه لم تتحقق منه الجنابة.

الخامس والعشرون: ذكر مِنَّة الله تعالى على العباد، بمشروعية التيمم.

السادس والعشرون: أن من أسباب جواز التيمم وجود المرض الذي يضره غسله بالماء، فيجوز له التيمم.

السابع والعشرون: أن من جملة أسباب جوازه،
السفر والإتيان من البول والغائط إذا عدم الماء، فالمرض يجوز التيمم مع
وجود الماء لحصول التضرر به، وباقيها يجوزه العدم للماء ولو كان في الحضر.

الثامن والعشرون: أن الخارج من السبيلين من بول وغائط، ينقض الوضوء.

التاسع والعشرون: استدل بها من قال: لا ينقض الوضوء إلا هذان الأمران، فلا ينتقض بلمس الفرج ولا بغيره.

الثلاثون: استحباب التكنية عما يستقذر التلفظ به لقوله تعالى: ( أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنكُم مِّنَ الْغَائِطِ ) .

الحادي والثلاثون: أن لمس المرأة بلذة وشهوة ناقض للوضوء.

الثاني والثلاثون: اشتراط عدم الماء لصحة التيمم.

الثالث والثلاثون: أن مع وجود الماء ولو في الصلاة، يبطل التيمم لأن الله إنما أباحه مع عدم الماء.

الرابع والثلاثون: أنه إذا دخل الوقت وليس معه ماء، فإنه يلزمه طلبه في رحله وفيما قرب منه، لأنه لا يقال "لم يجد" لمن لم يطلب.

الخامس والثلاثون: أن من وجد ماء لا يكفي بعض طهارته، فإنه يلزمه استعماله، ثم يتيمم بعد ذلك.

السادس والثلاثون: أن الماء المتغير بالطاهرات، مقدم على التيمم، أي: يكون طهورا، لأن الماء المتغير ماء، فيدخل في قوله: ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً ) .

السابع والثلاثون: أنه لا بد من نية التيمم لقوله: ( فَتَيَمَّمُوا ) أي: اقصدوا.

الثامن والثلاثون: أنه يكفي التيمم بكل ما تصاعد على وجه الأرض من تراب وغيره. فيكون على هذا، قوله: ( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِنْهُ )
إما من باب التغليب، وأن الغالب أن يكون له غبار يمسح منه ويعلق بالوجه
واليدين، وإما أن يكون إرشادا للأفضل، وأنه إذا أمكن التراب الذي فيه غبار
فهو أولى.

التاسع والثلاثون: أنه لا يصح التيمم بالتراب النجس، لأنه لا يكون طيبا بل خبيثا.

الأربعون: أنه يمسح في التيمم الوجه واليدان فقط، دون بقية الأعضاء.

الحادي والأربعون: أن قوله: ( بِوُجُوهِكُمْ ) شامل لجميع الوجه وأنه يعممه بالمسح، إلا أنه معفو عن إدخال التراب في الفم والأنف، وفيما تحت الشعور، ولو خفيفة.

الثاني والأربعون: أن اليدين تمسحان إلى الكوعين فقط، لأن اليدين عند الإطلاق كذلك.

فلو كان يشترط إيصال المسح إلى الذراعين لقيده الله بذلك، كما قيده في الوضوء.


الثالث والأربعون: أن الآية عامة في جواز
التيمم، لجميع الأحداث كلها، الحدث الأكبر والأصغر، بل ولنجاسة البدن، لأن
الله جعلها بدلا عن طهارة الماء، وأطلق في الآية فلم يقيد [وقد يقال أن
نجاسة البدن لا تدخل في حكم التيمم لأن السياق في الأحداث وهو قول جمهور
العلماء] .

الرابع والأربعون: أن محل التيمم في الحدث الأصغر والأكبر واحد، وهو الوجه واليدان.

الخامس والأربعون: أنه لو نوى مَنْ عليه حدثان التيمم عنهما، فإنه يجزئ أخذا من عموم الآية وإطلاقها.

السادس والأربعون: أنه يكفي المسح بأي شيء كان، بيده أو غيرها، لأن الله قال ( فامسحوا ) ولم يذكر الممسوح به، فدل على جوازه بكل شيء.

السابع والأربعون: اشتراط الترتيب في طهارة التيمم، كما يشترط ذلك في الوضوء، ولأن الله بدأ بمسح الوجه قبل مسح اليدين.

الثامن والأربعون: أن الله تعالى -فيما
شرعه لنا من الأحكام- لم يجعل علينا في ذلك من حرج ولا مشقة ولا عسر،
وإنما هو رحمة منه بعباده ليطهرهم، وليتم نعمته عليهم.

وهذا هو التاسع والأربعون: أن طهارة الظاهر بالماء والتراب، تكميل لطهارة الباطن بالتوحيد، والتوبة النصوح.

الخمسون: أن طهارة التيمم، وإن لم يكن فيها نظافة وطهارة تدرك بالحس والمشاهدة، فإن فيها طهارة معنوية ناشئة عن امتثال أمر الله تعالى.

الحادي والخمسون: أنه ينبغي للعبد أن يتدبر
الحِكَم والأسرار في شرائع الله، في الطهارة وغيرها ليزداد معرفة وعلما،
ويزداد شكرا لله ومحبة له، على ما شرع من الأحكام التي توصل العبد إلى
المنازل العالية الرفيعة.

وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ
عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ
سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ
الصُّدُورِ (7)
.

يأمر تعالى عباده بذكر نعمه الدينية والدنيوية، بقلوبهم وألسنتهم. فإن في
استدامة ذكرها داعيا لشكر الله تعالى ومحبته، وامتلاء القلب من إحسانه.
وفيه زوال للعجب من النفس بالنعم الدينية، وزيادة لفضل الله وإحسانه. و ( مِيثَاقَه ) أي: واذكروا ميثاقه ( الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ ) أي: عهده الذي أخذه عليكم.

وليس المراد بذلك أنهم لفظوا ونطقوا بالعهد والميثاق، وإنما المراد بذلك أنهم بإيمانهم بالله ورسوله قد التزموا طاعتهما، ولهذا قال: ( إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا )
أي: سمعنا ما دعوتنا به من آياتك القرآنية والكونية، سمع فهم وإذعان
وانقياد. وأطعنا ما أمرتنا به بالامتثال، وما نهيتنا عنه بالاجتناب. وهذا
شامل لجميع شرائع الدين الظاهرة والباطنة.

وأن المؤمنين يذكرون في ذلك عهد الله وميثاقه عليهم، وتكون منهم على بال، ويحرصون على أداء ما أُمِرُوا به كاملا غير ناقص.

( وَاتَّقُوا اللَّهَ ) في جميع أحوالكم ( إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ )
أي: بما تنطوي عليه من الأفكار والأسرار والخواطر. فاحذروا أن يطلع من
قلوبكم على أمر لا يرضاه، أو يصدر منكم ما يكرهه، واعمروا قلوبكم بمعرفته
ومحبته والنصح لعباده. فإنكم -إن كنتم كذلك- غفر لكم السيئات، وضاعف لكم
الحسنات، لعلمه بصلاح قلوبكم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:27

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا
يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ
أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا
تَعْمَلُونَ (Cool .


أي ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) بما أُمِرُوا بالإيمان به، قوموا بلازم إيمانكم، بأن تكونوا ( قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ) بأن تنشط للقيام بالقسط حركاتكم الظاهرة والباطنة.

وأن يكون ذلك القيام لله وحده، لا لغرض من الأغراض الدنيوية، وأن تكونوا
قاصدين للقسط، الذي هو العدل، لا الإفراط ولا التفريط، في أقوالكم ولا
أفعالكم، وقوموا بذلك على القريب والبعيد، والصديق والعدو.

( وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ ) أي: يحملنكم بغض ( قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا )
كما يفعله من لا عدل عنده ولا قسط، بل كما تشهدون لوليكم، فاشهدوا عليه،
وكما تشهدون على عدوكم فاشهدوا له، ولو كان كافرا أو مبتدعا، فإنه يجب
العدل فيه، وقبول ما يأتي به من الحق، لأنه حق لا لأنه قاله، ولا يرد الحق
لأجل قوله، فإن هذا ظلم للحق.

( اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) أي: كلما حرصتم على العدل واجتهدتم في العمل به، كان ذلك أقرب لتقوى قلوبكم، فإن تم العدل كملت التقوى.

( إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) فمجازيكم بأعمالكم، خيرها وشرها، صغيرها وكبيرها، جزاء عاجلا وآجلا.
نداءات الرحمن 12205d1323696356[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
5
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ
اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ
أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى
اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)
.

يُذَكِّر تعالى عباده المؤمنين بنعمه العظيمة، ويحثهم على تذكرها بالقلب
واللسان، وأنهم -كما أنهم يعدون قتلهم لأعدائهم، وأخذ أموالهم وبلادهم
وسبيهم نعمةً - فليعدوا أيضا إنعامه عليهم بكف أيديهم عنهم، ورد كيدهم في
نحورهم نعمة. فإنهم الأعداء، قد هموا بأمر، وظنوا أنهم قادرون عليه.

فإذا لم يدركوا بالمؤمنين مقصودهم، فهو نصر من الله لعباده المؤمنين ينبغي
لهم أن يشكروا الله على ذلك، ويعبدوه ويذكروه، وهذا يشمل كل من هَمَّ
بالمؤمنين بشر، من كافر ومنافق وباغ، كف الله شره عن المسلمين، فإنه داخل
في هذه الآية.

ثم أمرهم بما يستعينون به على الانتصار على عدوهم، وعلى جميع أمورهم، فقال: ( وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ )
أي: يعتمدوا عليه في جلب مصالحهم الدينية والدنيوية، وتبرؤوا من حولهم
وقوتهم، ويثقوا بالله تعالى في حصول ما يحبون. وعلى حسب إيمان العبد يكون
توكله، وهو من واجبات القلب المتفق عليها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:27

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا
فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) .

هذا أمر من الله لعباده المؤمنين، بما يقتضيه الإيمان من تقوى الله والحذر
من سخطه وغضبه، وذلك بأن يجتهد العبد، ويبذل غاية ما يمكنه من المقدور في
اجتناب ما يَسخطه الله، من معاصي القلب واللسان والجوارح، الظاهرة
والباطنة. ويستعين بالله على تركها، لينجو بذلك من سخط الله وعذابه. ( وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ )
أي: القرب منه، والحظوة لديه، والحب له، وذلك بأداء فرائضه القلبية،
كالحب له وفيه، والخوف والرجاء، والإنابة والتوكل. والبدنية: كالزكاة
والحج. والمركبة من ذلك كالصلاة ونحوها، من أنواع القراءة والذكر، ومن
أنواع الإحسان إلى الخلق بالمال والعلم والجاه، والبدن، والنصح لعباد
الله، فكل هذه الأعمال تقرب إلى الله. ولا يزال العبد يتقرب بها إلى الله
حتى يحبه الله، فإذا أحبه كان سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به،
ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي [بها] ويستجيب الله له الدعاء.

ثم خص تبارك وتعالى من العبادات المقربة إليه، الجهاد في سبيله، وهو: بذل
الجهد في قتال الكافرين بالمال، والنفس، والرأي، واللسان، والسعي في نصر
دين الله بكل ما يقدر عليه العبد، لأن هذا النوع من أجل الطاعات وأفضل
القربات.

ولأن من قام به، فهو على القيام بغيره أحرى وأولى ( لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) إذا اتقيتم الله بترك المعاصي، وابتغيتم الوسيلة إلى الله، بفعل الطاعات، وجاهدتم في سبيله ابتغاء مرضاته.

والفلاح هو الفوز والظفر بكل مطلوب مرغوب، والنجاة من كل مرهوب، فحقيقته السعادة الأبدية والنعيم المقيم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:28

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ
أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ
إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)

يرشد تعالى عباده المؤمنين حين بيَّن لهم أحوال اليهود والنصارى وصفاتهم
غير الحسنة، أن لا يتخذوهم أولياء. فإن بَعْضهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
يتناصرون فيما بينهم ويكونون يدا على من سواهم، فأنتم لا تتخذوهم أولياء،
فإنهم الأعداء على الحقيقة ولا يبالون بضركم، بل لا يدخرون من مجهودهم شيئا
على إضلالكم، فلا يتولاهم إلا من هو مثلهم، ولهذا قال: ( وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) لأن التولي التام يوجب الانتقال إلى دينهم. والتولي القليل يدعو إلى الكثير، ثم يتدرج شيئا فشيئا، حتى يكون العبد منهم.

( إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) أي: الذين وصْفُهم الظلم، وإليه يَرجعون، وعليه يعولون. فلو جئتهم بكل آية ما تبعوك، ولا انقادوا لك.
نداءات الرحمن 12205d1323696356
8
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ
يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ
عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ
لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ
وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) .


يخبر تعالى أنه الغني عن العالمين، وأنه من يرتد عن دينه فلن يضر الله
شيئا، وإنما يضر نفسه. وأن لله عبادا مخلصين، ورجالا صادقين، قد تكفل
الرحمن الرحيم بهدايتهم، ووعد بالإتيان بهم، وأنهم أكمل الخلق أوصافا،
وأقواهم نفوسا، وأحسنهم أخلاقا، أجلُّ صفاتهم أن الله ( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) فإن
محبة الله للعبد هي أجل نعمة أنعم بها عليه، وأفضل فضيلة، تفضل الله بها
عليه، وإذا أحب الله عبدا يسر له الأسباب، وهون عليه كل عسير، ووفقه لفعل
الخيرات وترك المنكرات، وأقبل بقلوب عباده إليه بالمحبة والوداد.

ومن لوازم محبة العبد لربه، أنه لا بد أن يتصف بمتابعة الرسول ظاهرا وباطنا، في أقواله وأعماله وجميع أحواله، كما قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ .

كما أن من لازم محبة الله للعبد، أن يكثر العبد من التقرب إلى الله بالفرائض والنوافل، كما قال النبي في الحديث الصحيح عن الله: "وما
تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه، ولا يزال [عبدي] يتقرب
إليَّ بالنوافل حتى أُحبه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره
الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني
لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه"
.

ومن لوازم محبة الله معرفته تعالى، والإكثار من ذكره، فإن المحبة بدون
معرفة بالله ناقصة جدا، بل غير موجودة وإن وجدت دعواها، ومن أحب الله أكثر
من ذكره، وإذا أحب الله عبدا قبل منه اليسير من العمل، وغفر له الكثير من
الزلل.

ومن صفاتهم أنهم ( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ )
فهم للمؤمنين أذلة من محبتهم لهم، ونصحهم لهم، ولينهم ورفقهم ورأفتهم،
ورحمتهم بهم وسهولة جانبهم، وقرب الشيء الذي يطلب منهم وعلى الكافرين
بالله، المعاندين لآياته، المكذبين لرسله - أعزة، قد اجتمعت هممهم وعزائمهم
على معاداتهم، وبذلوا جهدهم في كل سبب يحصل به الانتصار عليهم، قال
تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وقال تعالى: أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ
فالغلظة والشدة على أعداء الله مما يقرب العبد إلى الله، ويوافق العبد
ربه في سخطه عليهم، ولا تمنع الغلظة عليهم والشدة دعوتهم إلى الدين
الإسلامي بالتي هي أحسن. فتجتمع الغلظة عليهم، واللين في دعوتهم، وكلا
الأمرين من مصلحتهم ونفعه عائد إليهم.

( يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) بأموالهم وأنفسهم، بأقوالهم وأفعالهم. ( وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ )
بل يقدمون رضا ربهم والخوف من لومه على لوم المخلوقين، وهذا يدل على قوة
هممهم وعزائمهم، فإن ضعيف القلب ضعيف الهمة، تنتقض عزيمته عند لوم
اللائمين، وتفتر قوته عند عذل العاذلين. وفي قلوبهم تعبد لغير الله، بحسب
ما فيها من مراعاة الخلق وتقديم رضاهم ولومهم على أمر الله، فلا يسلم القلب
من التعبد لغير الله، حتى لا يخاف في الله لومة لائم.

ولما مدحهم تعالى بما من به عليهم منَ الصفات الجليلة والمناقب العالية،
المستلزمة لما لم يذكر من أفعال الخير -أخبر أن هذا من فضله عليهم وإحسانه
لئلا يعجبوا بأنفسهم، وليشكروا الذي مَنَّ عليهم بذلك ليزيدهم من فضله،
وليعلم غيرُهم أن فضل الله تعالى ليس عليه حجاب، فقال: ( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
أي: واسع الفضل والإحسان، جزيل المنن، قد عمت رحمته كل شيء، ويوسع على
أوليائه من فضله، ما لا يكون لغيرهم، ولكنه عليم بمن يستحق الفضل فيعطيه،
فالله أعلم حيث يجعل رسالته أصلا وفرعا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:28

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا
مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ
أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) .

ينهى عباده المؤمنين عن اتخاذ أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن سائر
الكفار أولياء يحبونهم ويتولونهم، ويبدون لهم أسرار المؤمنين، ويعاونونهم
على بعض أمورهم التي تضر الإسلام والمسلمين، وأن ما معهم من الإيمان يوجب
عليهم ترك موالاتهم، ويحثهم على معاداتهم، وكذلك التزامهم لتقوى الله التي
هي امتثال أوامره واجتناب زواجره مما تدعوهم إلى معاداتهم.
نداءات الرحمن 12205d1323696356
10
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا
طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا
يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالا
طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (88) .

يقول تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ )
من المطاعم والمشارب، فإنها نعم أنعم الله بها عليكم، فاحمدوه إذ أحلها
لكم، واشكروه ولا تردوا نعمته بكفرها أو عدم قبولها، أو اعتقاد تحريمها،
فتجمعون بذلك بين القول على الله الكذب، وكفر النعمة، واعتقاد الحلال الطيب
حراما خبيثا، فإن هذا من الاعتداء.

والله قد نهى عن الاعتداء فقال: ( وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) بل يبغضهم ويمقتهم ويعاقبهم على ذلك.

ثم أمر بضد ما عليه المشركون، الذين يحرمون ما أحل الله فقال: ( وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالا طَيِّبًا )
أي: كلوا من رزقه الذي ساقه إليكم، بما يسره من الأسباب، إذا كان حلالا
لا سرقة ولا غصبا ولا غير ذلك من أنواع الأموال التي تؤخذ بغير حق، وكان
أيضا طيبا، وهو الذي لا خبث فيه، فخرج بذلك الخبيث من السباع والخبائث.

( وَاتَّقُوا اللَّهَ ) في امتثال أوامره، واجتناب نواهيه. ( الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ) فإن إيمانكم بالله يوجب عليكم تقواه ومراعاة حقه، فإنه لا يتم إلا بذلك.

ودلت الآية الكريمة على أنه إذا حرم حلالا عليه من طعام وشراب، وسرية وأمة،
ونحو ذلك، فإنه لا يكون حراما بتحريمه، لكن لو فعله فعليه كفارة يمين،
كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ الآية.

إلا أن تحريم الزوجة فيه كفارة ظهار، ويدخل في هذه الآية أنه لا ينبغي
للإنسان أن يتجنب الطيبات ويحرمها على نفسه، بل يتناولها مستعينا بها على
طاعة ربه.
نداءات الرحمن 12205d1323696356
11
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ
عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)

يذم تعالى هذه الأشياء القبيحة، ويخبر أنها من عمل الشيطان، وأنها رجس. ( فَاجْتَنِبُوهُ ) أي: اتركوه ( لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )
فإن الفلاح لا يتم إلا بترك ما حرم الله، خصوصا هذه الفواحش المذكورة،
وهي الخمر وهي: كل ما خامر العقل أي: غطاه بسكره، والميسر، وهو: جميع
المغالبات التي فيها عوض من الجانبين، كالمراهنة ونحوها، والأنصاب التي هي:
الأصنام والأنداد ونحوها، مما يُنصب ويُعبد من دون الله، والأزلام التي
يستقسمون بها، فهذه الأربعة نهى الله عنها وزجر، وأخبر عن مفاسدها الداعية
إلى تركها واجتنابها. فمنها: أنها رجس، أي: خبث، نجس معنى، وإن لم تكن
نجسة حسا.

والأمور الخبيثة مما ينبغي اجتنابها وعدم التدنس بأوضارها. ومنها: أنها من عمل الشيطان، الذي هو أعدى الأعداء للإنسان.

ومن المعلوم أن العدو يحذر منه، وتحذر مصايده وأعماله، خصوصا الأعمال التي
يعملها ليوقع فيها عدوه، فإنها فيها هلاكه، فالحزم كل الحزم البعد عن عمل
العدو المبين، والحذر منهـا، والخوف من الوقوع فيها.

ومنها: أنه لا يمكن الفلاح للعبد إلا باجتنابها، فإن الفلاح هو: الفوز
بالمطلوب المحبوب، والنجاة من المرهوب، وهذه الأمور مانعة من الفلاح ومعوقة
له.
نداءات الرحمن 12205d1323696356
12
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ
وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ
اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (94)

هذا من منن الله على عباده، أن أخبرهم بما سيفعل قضاء وقدرا، ليطيعوه
ويقدموا على بصيرة، ويهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة، فقال
تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) لا بد أن يختبر الله إيمانكم.

( لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ ) أي: بشيء غير كثير، فتكون محنة يسيرة، تخفيفا منه تعالى ولطفا، وذلك الصيد الذي يبتليكم الله به ( تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ ) أي: تتمكنون من صيده، ليتم بذلك الابتلاء، لا غير مقدور عليه بيد ولا رمح، فلا يبقى للابتلاء فائدة.

ثم ذكر الحكمة في ذلك الابتلاء، فقال: ( لِيَعْلَمَ اللَّهُ ) علما ظاهرا للخلق يترتب عليه الثواب والعقاب ( مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ )
فيكف عما نهى الله عنه مع قدرته عليه وتمكنه، فيثيبه الثواب الجزيل، ممن
لا يخافه بالغيب، فلا يرتدع عن معصية تعرض له فيصطاد ما تمكن منه ( فَمَنِ اعْتَدَى ) منكم ( بَعْدَ ذَلِكَ ) البيان، الذي قطع الحجج، وأوضح السبيل. ( فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
أي: مؤلم موجع، لا يقدر على وصفه إلا الله، لأنه لا عذر لذلك المعتدي،
والاعتبار بمن يخافه بالغيب، وعدم حضور الناس عنده. وأما إظهار مخافة الله
عند الناس، فقد يكون ذلك لأجل مخافة الناس، فلا يثاب على ذلك.
نداءات الرحمن 12205d1323696356
13
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ
مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ
ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ
طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ
أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ
مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95)
.
صرح بالنهي عن قتل الصيد في حال الإحرام، فقال: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ )
أي: محرمون في الحج والعمرة، والنهي عن قتله يشمل النهي عن مقدمات القتل،
وعن المشاركة في القتل، والدلالة عليه، والإعانة على قتله، حتى إن من
تمام ذلك أنه ينهى المحرم عن أكل ما قُتل أو صيد لأجله، وهذا كله تعظيم
لهذا النسك العظيم، أنه يحرم على المحرم قتل وصيد ما كان حلالا له قبل
الإحرام.

وقوله: ( وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا ) أي: قتل صيدا عمدا ( فـ ) عليه ( جزاء مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) أي: الإبل، أو البقر، أو الغنم، فينظر ما يشبه شيئا من ذلك، فيجب عليه مثله، يذبحه ويتصدق به. والاعتبار بالمماثلة أن ( يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ )
أي: عدلان يعرفان الحكم، ووجه الشبه، كما فعل الصحابة م، حيث قضوا
بالحمامة شاة، وفي النعامة بدنة، وفي بقر الوحش -على اختلاف أنواعه- بقرة،
وهكذا كل ما يشبه شيئا من النعم، ففيه مثله، فإن لم يشبه شيئا ففيه قيمته،
كما هو القاعدة في المتلفات، وذلك الهدي لا بد أن يكون ( هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ ) أي: يذبح في الحرم.

( أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ ) أي: كفارة ذلك الجزاء طعام مساكين، أي: يجعل مقابلة المثل من النعم، طعام يطعم المساكين.

قال كثير من العلماء: يقوم الجزاء، فيشترى بقيمته طعام، فيطعم كل مسكين مُدَّ بُرٍّ أو نصفَ صاع من غيره. ( أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ ) الطعام ( صِيَامًا ) أي: يصوم عن إطعام كل مسكين يوما. ( لِيَذُوقَ ) بإيجاب الجزاء المذكور عليه ( وَبَالَ أَمْرِهِ ) ( وَمَنْ عَادَ ) بعد ذلك ( فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ )
وإنما نص الله على المتعمد لقتل الصيد، مع أن الجزاء يلزم المتعمد
والمخطئ، كما هو القاعدة الشرعية -أن المتلف للنفوس والأموال المحترمة،
فإنه يضمنها على أي حال كان، إذا كان إتلافه بغير حق، لأن الله رتب عليه
الجزاء والعقوبة والانتقام، وهذا للمتعمد. وأما المخطئ فليس عليه عقوبة،
إنما عليه الجزاء، [هذا جواب الجمهور من هذا القيد الذي ذكره الله. وطائفة
من أهل العلم يرون تخصيص الجزاء بالمتعمد وهو ظاهر الآية. والفرق بين هذا
وبين التضمين في الخطأ في النفوس والأموال في هذا الموضع الحق فيه لله،
فكما لا إثم لا جزاء لإتلافه نفوس الآدميين وأموالهم]
نداءات الرحمن 12205d1323696356
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:28

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ
وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ
عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101)

ينهى عباده المؤمنين عن سؤال الأشياء التي إذا بينت لهم ساءتهم وأحزنتهم،
وذلك كسؤال بعض المسلمين لرسول الله عن آبائهم، وعن حالهم في الجنة أو
النار، فهذا ربما أنه لو بين للسائل لم يكن له فيه خير، وكسؤالهم للأمور
غير الواقعة.

وكالسؤال الذي يترتب عليه تشديدات في الشرع ربما أحرجت الأمة، وكالسؤال عما
لا يعني، فهذه الأسئلة، وما أشبهها هي المنهي عنها، وأما السؤال الذي لا
يترتب عليه شيء من ذلك فهذا مأمور به، كما قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ .

( وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنزلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ )
أي: وإذا وافق سؤالكم محله فسألتم عنها حين ينزل عليكم القرآن، فتسألون
عن آية أشكلت، أو حكم خفي وجهه عليكم، في وقت يمكن فيه نزول الوحي من
السماء، تبد لكم، أي: تبين لكم وتظهر، وإلا فاسكتوا عمّا سكت الله عنه.

( عَفَا اللَّهُ عَنْهَا ) أي: سكت معافيا لعباده منها، فكل ما سكت الله عنه فهو مما أباحه وعفا عنه. ( وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) أي: لم يزل بالمغفرة موصوفا، وبالحلم والإحسان معروفا، فتعرضوا لمغفرته وإحسانه، واطلبوه من رحمته ورضوانه.
نداءات الرحمن 12205d1323696356
15

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ
إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ (105) .

يقول تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ )
أي: اجتهدوا في إصلاحها وكمالها وإلزامها سلوك الصراط المستقيم، فإنكم
إذا صلحتم لا يضركم من ضل عن الصراط المستقيم، ولم يهتد إلى الدين القويم،
وإنما يضر نفسه.

ولا يدل هذا على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يضر العبدَ
تركُهما وإهمالُهما، فإنه لا يتم هداه, إلا بالإتيان بما يجب عليه من الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر.

نعم، إذا كان عاجزا عن إنكار المنكر بيده ولسانه وأنكره بقلبه، فإنه لا يضره ضلال غيره.

وقوله: ( إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا ) أي: مآلكم يوم القيامة، واجتماعكم بين يدي الله تعالى. ( فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) من خير وشر.
نداءات الرحمن 12205d1323696356
16
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ
الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ
غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ
مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ
فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا
وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا
لَمِنَ الآثِمِينَ (106)

يخبر تعالى خبرا متضمنا للأمر بإشهاد اثنين على الوصية، إذا حضر الإنسان
مقدماتُ الموت وعلائمه. فينبغي له أن يكتب وصيته، ويشهد عليها اثنين ذوي
عدل ممن تعتبر شهادتهما.

( أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) أي: من غير أهل دينكم، من اليهود أو النصارى أو غيرهم، وذلك عند الحاجة والضرورة وعدم غيرهما من المسلمين.

( إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ ) أي: سافرتم فيها ( فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ ) أي: فأشهدوهما، ولم يأمر بشهادتهما إلا لأن قولهما في تلك الحال مقبول، ويؤكد عليهما، بأن يحبسا ( مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ ) التي يعظمونها.

( فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ ) أنهما صدقا، وما غيرا ولا بدلا هذا ( إِنِ ارْتَبْتُمْ ) في شهادتهما، فإن صدقتموهما، فلا حاجة إلى القسم بذلك.

ويقولان: (
لا نَشْتَرِي بِهِ ) أي: بأيماننا ( ثَمَنًا ) بأن نكذب فيها، لأجل عرض من الدنيا. ( وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) فلا نراعيه لأجل قربه منا ( وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ ) بل نؤديها على ما سمعناها ( إِنَّا إِذًا ) أي: إن كتمناها ( لَمِنَ الآثِمِينَ )
مع لقاء اخر مع نداءات الرحمن فى سوره الانفال
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:29

نداءات الرحمن بسوره الانفال وعددها سته
نداءات الرحمن 12471d1324334706
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ (15)

يأمر اللّه تعالى عباده المؤمنين بالشجاعة الإيمانية، والقوة في
أمره، والسعي في جلب الأسباب المقوية للقلوب والأبدان،ونهاهم عن الفرار
إذا التقى الزحفان، فقال: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا ) أي: في صف القتال، وتزاحف الرجال، واقتراب بعضهم من بعض، ( فَلا تُوَلُّوهُمُ الأدْبَارَ ) بل اثبتوا لقتالهم، واصبروا على جلادهم، فإن في ذلك نصرة لدين اللّه، وقوة لقلوب المؤمنين، وإرهابا للكافرين.
نداءات الرحمن 12471d1324334706
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا
تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ
قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (21)
.

لما أخبر تعالى أنه مع المؤمنين، أمرهم أن يقوموا بمقتضى الإيمان الذي يدركون به معيته، فقال: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) بامتثال أمرهما واجتناب نهيهما.

( وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ ) أي: عن هذا الأمر الذي هو طاعة اللّه، وطاعة رسوله. ( وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ) ما يتلى عليكم من كتاب اللّه، وأوامره، ووصاياه، ونصائحه،فتوليكم في هذه الحال من أقبح الأحوال.

( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ )
أي: لا تكتفوا بمجرد الدعوى الخالية التي لا حقيقة لها، فإنها حالة لا
يرضاها اللّه ولا رسوله،فليس الإيمان بالتمني والتحلي، ولكنه ما وقر في
القلوب وصدقته الأعمال.
نداءات الرحمن 12471d1324334706
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا
دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ
الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا
فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)
.


يأمر تعالى عباده المؤمنين بما يقتضيه الإيمان منهم وهو الاستجابة للّه
وللرسول، أي: الانقياد لما أمرا به والمبادرة إلى ذلك والدعوة إليه،
والاجتناب لما نهيا عنه، والانكفاف عنه والنهي عنه.

وقوله: ( إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ )
وصف ملازم لكل ما دعا اللّه ورسوله إليه، وبيان لفائدته وحكمته، فإن حياة
القلب والروح بعبودية اللّه تعالى ولزوم طاعته وطاعة رسوله على الدوام.

ثم حذر عن عدم الاستجابة للّه وللرسول فقال: ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ )
فإياكم أن تردوا أمر اللّه أول ما يأتيكم، فيحال بينكم وبينه إذا أردتموه
بعد ذلك، وتختلف قلوبكم، فإن اللّه يحول بين المرء وقلبه، يقلب القلوب
حيث شاء ويصرفها أنى شاء.

فليكثر العبد من قول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، يا مصرف القلوب، اصرف قلبي إلى طاعتك.

( وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) أي: تجمعون ليوم لا ريب فيه، فيجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بعصيانه.

( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً )
بل تصيب فاعل الظلم وغيره،وذلك إذا ظهر الظلم فلم يغير، فإن عقوبته تعم
الفاعل وغيره،وتقوى هذه الفتنة بالنهي عن المنكر، وقمع أهل الشر والفساد،
وأن لا يمكنوا من المعاصي والظلم مهما أمكن.

( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) لمن تعرض لمساخطه، وجانب رضاه.
نداءات الرحمن 12471d1324334706
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ
وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا
أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ
أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) .

يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يؤدوا ما ائتمنهم اللّه عليه من أوامره
ونواهيه، فإن الأمانة قد عرضها اللّه على السماوات والأرض والجبال، فأبين
أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا فمن أدى
الأمانة استحق من اللّه الثواب الجزيل، ومن لم يؤدها بل خانها استحق العقاب
الوبيل، وصار خائنا للّه وللرسول ولأمانته، منقصا لنفسه بكونه اتصفت نفسه
بأخس الصفات، وأقبح الشيات، وهي الخيانة مفوتا لها أكمل الصفات وأتمها،
وهي الأمانة.

ولما كان العبد ممتحنا بأمواله وأولاده، فربما حمله محبة ذلك على تقديم
هوى نفسه على أداء أمانته، أخبر اللّه تعالى أن الأموال والأولاد فتنة
يبتلي اللّه بهما عباده، وأنها عارية ستؤدى لمن أعطاها، وترد لمن استودعها ( وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ )

فإن كان لكم عقل ورَأْيٌ، فآثروا فضله العظيم على لذة صغيرة فانية مضمحلة،
فالعاقل يوازن بين الأشياء، ويؤثر أولاها بالإيثار، وأحقها بالتقديم.
نداءات الرحمن 12471d1324334706
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ
فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)
.

امتثال العبد لتقوى ربه عنوان السعادة، وعلامة الفلاح، وقد رتب اللّه على
التقوى من خير الدنيا والآخرة شيئا كثيرا،فذكر هنا أن من اتقى اللّه حصل له
أربعة أشياء، كل واحد منها خير من الدنيا وما فيها:

الأول: الفرقان: وهو العلم والهدى الذي يفرق به صاحبه بين الهدى والضلال، والحق والباطل، والحلال والحرام، وأهل السعادة من أهل الشقاوة.

الثاني والثالث: تكفير السيئات، ومغفرة الذنوب،وكل واحد منهما داخل في الآخر عند الإطلاق وعند الاجتماع يفسر تكفير السيئات بالذنوب الصغائر، ومغفرة الذنوب بتكفير الكبائر.

الرابع: الأجر العظيم والثواب الجزيل لمن اتقاه وآثر رضاه على هوى نفسه. ( وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ )
نداءات الرحمن 12471d1324334706
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) .

يقول تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً ) أي: طائفة من الكفار تقاتلكم.

( فَاثْبُتُوا ) لقتالها، واستعملوا الصبر وحبس النفس على هذه الطاعة الكبيرة، التي عاقبتها العز والنصر.

واستعينوا على ذلك بالإكثار من ذكر اللّه ( لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) أي: تدركون ما تطلبون من الانتصار على أعدائكم،فالصبر والثبات والإكثار من ذكر اللّه من أكبر الأسباب للنصر.

مع لقاء اخر
فى نداءات الرحمن
فى سوره التوبه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الداعية الى الله
المشرفة العامة
المشرفة العامة
الداعية الى الله


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1491
النقاط : -20
تاريخ التسجيل : 17/04/2012

نداءات الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداءات الرحمن   نداءات الرحمن Empty5th يوليو 2012, 00:29

نداءات الرحمن فى سوره التوبه وعددها سته
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ
أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ
يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23)

يقول تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) اعملوا بمقتضى الإيمان، بأن توالوا من قام به، وتعادوا من لم يقم به.

و ( لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ) الذين هم أقرب الناس إليكم، وغيرهم من باب أولى وأحرى، فلا تتخذوهم ( أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا) أي: اختاروا على وجه الرضا والمحبة ( الْكُفْرَ عَلَى الإيمَانِ)

( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
لأنهم تجرؤوا على معاصي اللّه، واتخذوا أعداء اللّه أولياء، وأصل
الولاية: المحبة والنصرة، وذلك أن اتخاذهم أولياء، موجب لتقديم طاعتهم على
طاعة اللّه، ومحبتهم على محبة اللّه ورسوله.

ولهذا ذكر السبب الموجب لذلك، وهو أن محبة اللّه ورسوله، يتعين تقديمهما على محبة كل شيء، وجعل جميع الأشياء تابعة لهما
نداءات الرحمن 12474d1324338008
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا
يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ
عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28) .

يقول تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ) باللّه الذين عبدوا معه غيره ( نَجَسٌ) أي: خبثاء في عقائدهم وأعمالهم، وأي نجاسة أبلغ ممن كان يعبد مع اللّه آلهة لا تنفع ولا تضر، ولا تغني عنه شيئا؟.

وأعمالهم ما بين محاربة للّه، وصد عن سبيل اللّه ونصر للباطل، ورد للحق،
وعمل بالفساد في الأرض لا في الصلاح، فعليكم أن تطهروا أشرف البيوت وأطهرها
عنهم.

( فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) وهو سنة تسع من الهجرة،
حين حج بالناس أبو بكر الصديق، وبعث النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمه
عليا، أن يؤذن يوم الحج الأكبر بـ ( براءة) فنادى أن لا يحج بعد العام
مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.

وليس المراد هنا، نجاسة البدن، فإن الكافر كغيره طاهر البدن، بدليل أن
اللّه تعالى أباح وطء الكتابية ومباشرتها، ولم يأمر بغسل ما أصاب منها.

والمسلمون ما زالوا يباشرون أبدان الكفار، ولم ينقل عنهم أنهم تقذروا منها،
تَقَذُّرَهْم من النجاسات، وإنما المراد كما تقدم نجاستهم المعنوية،
بالشرك، فكما أن التوحيد والإيمان، طهارة، فالشرك نجاسة.

وقوله: ( وَإِنْ خِفْتُمْ) أيها المسلمون ( عَيْلَةً) أي: فقرا وحاجة، من منع المشركين من قربان المسجد الحرام، بأن تنقطع الأسباب التي بينكم وبينهم من الأمور الدنيوية، ( فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)
فليس الرزق مقصورا على باب واحد، ومحل واحد، بل لا ينغلق باب إلا وفتح
غيره أبواب كثيرة، فإن فضل اللّه واسع، وجوده عظيم، خصوصا لمن ترك شيئا
لوجهه الكريم، فإن اللّه أكرم الأكرمين.

وقد أنجز اللّه وعده، فإن اللّه قد أغنى المسلمين من فضله، وبسط لهم من الأرزاق ما كانوا به من أكبر الأغنياء والملوك.

وقوله: ( إِنْ شَاءَ) تعليق للإغناء بالمشيئة، لأن الغنى في الدنيا، ليس من لوازم الإيمان، ولا يدل على محبة اللّه، فلهذا علقه اللّه بالمشيئة.

فإن اللّه يعطي الدنيا، من يحب، ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان والدين، إلا من يحب.

( إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) أي: علمه واسع، يعلم من يليق به الغنى، ومن لا يليق، ويضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها.

وتدل الآية الكريمة، وهي قوله ( فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا)
أن المشركين بعد ما كانوا، هم الملوك والرؤساء بالبيت، ثم صار بعد الفتح
الحكم لرسول اللّه والمؤمنين، مع إقامتهم في البيت، ومكة المكرمة، ثم نزلت
هذه الآية.

ولما مات النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يجلوا من الحجاز، فلا يبقى فيها
دينان، وكل هذا لأجل بُعْدِ كل كافر عن المسجد الحرام، فيدخل في قوله ( فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا)
نداءات الرحمن 12474d1324338008
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الأَحْبَارِ
وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ
وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ
وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ
بِعَذَابٍ أَلِيمٍ

هذا تحذير من اللّه تعالى لعباده المؤمنين عن كثير من الأحبار والرهبان،
أي: العلماء والعباد الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، أي: بغير حق،
ويصدون عن سبيل اللّه، فإنهم إذا كانت لهم رواتب من أموال الناس، أو بذل
الناس لهم من أموالهم فإنه لأجل علمهم وعبادتهم، ولأجل هداهم وهدايتهم،
وهؤلاء يأخذونها ويصدون الناس عن سبيل اللّه، فيكون أخذهم لها على هذا
الوجه سحتا وظلما، فإن الناس ما بذلوا لهم من أموالهم إلا ليدلوهم إلى
الطريق المستقيم.

ومن أخذهم لأموال الناس بغير حق، أن يعطوهم ليفتوهم أو يحكموا لهم بغير ما
أنزل اللّه، فهؤلاء الأحبار والرهبان، ليحذر منهم هاتان الحالتان: أخذهم
لأموال الناس بغير حق، وصدهم الناس عن سبيل اللّه.

( وَالَّذِينَ يَكْنزونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ) أي: يمسكونها ( وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) أي:
طرق الخير الموصلة إلى اللّه، وهذا هو الكنز المحرم، أن يمسكها عن النفقة
الواجبة، كأن يمنع منها الزكاة أو النفقات الواجبة للزوجات، أو الأقارب،
أو النفقة في سبيل اللّه إذا وجبت.
( فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )
نداءات الرحمن 12474d1324338008

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ
إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى
الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا
مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ (38 )

اعلم أن كثيرا من هذه السورة الكريمة، نزلت في غزوة تبوك،
إذ ندب النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى غزو الروم، وكان الوقت
حارا، والزاد قليلا والمعيشة عسرة، فحصل من بعض المسلمين من التثاقل ما
أوجب أن يعاتبهم اللّه تعالى عليه ويستنهضهم، فقال تعالى:

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) ألا تعملون بمقتضى الإيمان، وداعي اليقين من المبادرة لأمر اللّه، والمسارعة إلى رضاه، وجهاد أعدائه والنصرة لدينكم، فـ ( مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأرْضِ ) أي: تكاسلتم، وملتم إلى الأرض والدعة والسكون فيها.

( أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ ) أي: ما حالكم إلا حال من رضي بالدنيا وسعى لها ولم يبال بالآخرة، فكأنه ما آمن بها.

( فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) التي مالت بكم، وقدمتموها على الآخرة ( إِلا قَلِيلٌ ) أفليس قد جعل اللّه لكم عقولا تَزِنُون بها الأمور، وأيها أحق بالإيثار؟.

أفليست الدنيا -من أولها إلى آخرها- لا نسبة لها في الآخرة. فما مقدار عمر
الإنسان القصير جدا من الدنيا حتى يجعله الغاية التي لا غاية وراءها،
فيجعل سعيه وكده وهمه وإرادته لا يتعدى حياته الدنيا القصيرة المملوءة
بالأكدار، المشحونة بالأخطار.

فبأي رَأْيٍ رأيتم إيثارها على الدار الآخرة الجامعة لكل نعيم، التي فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، وأنتم فيها خالدون، فواللّه ما آثر الدنيا على الآخرة من وقر الإيمان في قلبه، ولا من جزل رأيه، ولا من عُدَّ من أولي الألباب
نداءات الرحمن 12474d1324338008
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) .

أي: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) باللّه، وبما أمر اللّه بالإيمان به، قوموا بما يقتضيه الإيمان، وهو القيام بتقوى اللّه تعالى، باجتناب ما نهى اللّه عنه والبعد عنه.

( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) في
أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، الذين أقوالهم صدق، وأعمالهم، وأحوالهم لا
تكون إلا صدقا خلية من الكسل والفتور، سالمة من المقاصد السيئة، مشتملة على
الإخلاص والنية الصالحة، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة.

قال الله تعالى: هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ الآية.
نداءات الرحمن 12474d1324338008
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ
الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ
مَعَ الْمُتَّقِينَ (123) .

وهذا أيضا إرشاد آخر، بعدما أرشدهم إلى التدبير فيمن يباشر القتال، أرشدهم
إلى أنهم يبدأون بالأقرب فالأقرب من الكفار، والغلظة عليهم، والشدة في
القتال، والشجاعة والثبات.

(وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) أي: وليكن لديكم علم أن المعونة من اللّه تنزل بحسب التقوى، فلازموا على تقوى اللّه، يعنكم وينصركم على عدوكم.

وهذا العموم في قوله: (قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ) مخصوص بما إذا كانت المصلحة في قتال غير الذين يلوننا، وأنواع المصالح كثيرة جدا.


مع لقاء اخرمع نداءات الرحمن
فى سوره الحج
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نداءات الرحمن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» عبد الرحمن بن عوف
» طليق الرحمن
» طليق الرحمن
» كاريكاتير عبد الرحمن الزهراني
» تفسير سورة الرحمن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى نسائم الصباح :: المنتديات الاسلامية :: قسم علوم القرآن الكريم-
انتقل الى: