[size=16] من قصص الأنبياء يحدث القرآن الكريم عن سليمان قال تعالى :
(وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ *
إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ
إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ
بِالْحِجَابِ رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ
وَالْأَعْنَاقِ) (صّ:30ـ31) .
والصافنات
من الخيل هو القائم على ثلاثة قوائم و قد أقام الرابعة على طرف الحافر ، و
الجياد هي الخيل سريعة العدو وجيدة الركض و بذلك فإن الخيل الواردة في
هذه الآيات الكريمة إنما تعتبر من خير الخيول ... و أفضلها منظراً و
استعداداً و حركة و عدواً .. و قد ذكر بعض المفسرين في تفسير هذه الآيات
أن سيدنا سليمان عرض عليه الخيل الجياد في وقت العصر فألهاه هذا العرض عن
صلاة العصر فلما اقترب المغرب غضب و طلب من الله أن يرد الشمس بعد أن غربت
ليصلي العصر فردت .... و كصورة من غضبه على الخيل لأنها كانت السبب في
فوات العصر و ألهته عن الصلاة قام و قطع سوقها و أعناقها مسحاً بالسيف ...
و بديهي أن هذا تأويل لا يجوز و معنى لا يستقيم إطلاقاً ، فإن الآيات
الشريفة تقرر أن الله سبحانه و تعالى قد كرم سيدنا سليمان تكريماً كبيراً و
شهد له بأنه نعم العبد و أنه أواب رجاع إلى ما يرضي الله .. فكيف إذن نبي
الله سليمان و هو بهذا القدرة و على هذه الحال .. يعرض عن ذكر ربه ؟ .
و لأمر لا يمكن أن يكون سبباً إطلاقاً ؟. و أنه يعترف أنه قد أحب الخيل إلى درجة تجعله يعرض عن ذكر ربه ؟ ...
ثم
كيف يقتل نبي الله الخيول التي تصفها الآيات الكريمة بأنها أقوى و أحسن و
أفضل الخيول ، و المعروف أن الخيل إنما كانت عدة الحرب الأساسية و أداة
القتال الرئيسية .... و كانت هذه الخيل معدة لدفع عدوان أعداء الله و
الذود عن عباد الله المؤمنين الذين يدافعون عن دين الله ؟.
و
بعد عشرات المئات من السنين و بعد أن تقدم العلم نجد أن الإنسان قد وصل في
قطاع الطب البيطري إلى حقائق قاطعة تقرر أن ما فعله سيدنا سليمان و
أوردته آيات القرآن الكريم في ألفاظ قصار هو أفضل طرق فحص و اختبار الخيل
بل إن كل المراجع العلمية الحديثة فد أفردت لفحص و اختبار الخيل فصولاً
طويلة أساسها كلها ما جاء في القرآن الكريم فنجد في كتاب " أصول الطب البيطري " و تحت عنوان " الاقتراب من الحيوانات " ما
نصه : للحيوانات الأهلية أمزجة متباينة ، و طباع تتقلب بين الدعة و
الشراسة لذلك يتطلب الاقتراب منها حرصاً و انتباهاً عظيمين خصوصاً للغريب
الذي لم يسبق له معاملتها أو خدمتها ، نجد أنه في الخيل يجب أن يظهر فاحص
الحصان نحوه كثيراً من العطف و هو داخل عليه فيربت على رأسه و رقبته و
ظهره فيطمئن إليه و يعلم أن القادم صديق فلا يتهيج أو يرفس ....
و
لما كانت أهم أجزاء الحصان قوائمه فهي التي تجري عليها ، والجري من أهم
صفات الخيل الرئيسية ، فإن أول ما يتجه إليه الإنسان عند فحص الخيل هو
اختبار قوائمه و يجب رفع قائمة الحصان عند فحصه و في ذلك يقول نفس الكتاب (
و لرفع القائمة الأمامية يمسك الفاحص بزمام الحصان و يقف الفاحص بجوار
كتفه متجهاً للمؤخرة ثم يربت له على جانب رقبته و كتفه إلى أن يصل باليد
إلى المرفق فالساعد فيصل المسافة بين الركبة والرمانة وهنا يشعر الحصان
باليد التي تمسك أوتار قائمته فيرفعها طائعاً مختاراً) .
و
قياس نبض الخيل من أهم الأمور التي يجب على الفاحص أن يبدأ بها فحصه
للحصان ، فعن طريق النبض يمكن معرفة حالة الحصان المرضية ، و يقرر العلم
أن قياس النبض في الخيل يكون من الشريان تحت الفكي و الشريان الصدغي و
الشريان الكعبري ... و إذا كان قياس النبض و الحصان في حالة هدوئه إنما
يكشف للإنسان عن حالة الحصان المرضية و عما إذا كان مصاباً بمرض أو سليماً
، فإن قياس نبضه لمعرفة درجة احتمال قلبه و طاقته لابد أن تكون بعد أن
يقوم الحصان بل بشوط من الجري ... كما أنه توجد في بعض الخيول عيوب تقلل
من قيمة الحصان ، ولذلك فإن الطريقة التي أصبحت دستوراً يعمل به عند فحص و
اختبار الخيل هي أنه بعد الفحص الظاهري الأول للحصان و التأكد من صلاحيته
شكلاً و منظراً يقوم بالعدو لشوط كبير على قدر الاستطاعة و مراقبته أثناء
العدو .. ثم قياس نبضه بعد أن فحص الخيل فحصاً ظاهرياً إذ عرضت عليه ،
لذلك أمر النبي سليمان عليه السلام بأن تعدو الخيل إلى أقصى و أبعد ما
يستطاع حتى توارت بالحجاب فلم تعد رؤيتها مستطاعة ... ثم طلب أن تعود بعد
هذا الشوط الطويل من العدو و عندها قام بالفحص العملي لقياس النبض من
الشريان تحت الفكي و الصدغي و الكعبري كما قام بفحص ساق الحصان بعد هذا
المجهود ليعرف أثر العدو عليه و طاقة الساق عليه .....
فسبحان من أوحى بالقرآن . و صلى الله وسلم على من أوحى إليه به .. ولا إله إلا الله حقاً و صدقاً ....
المصدر : كتاب من الآيات العلمية تأليف الأستاذ العلامة عبد الرزاق نوفل رحمه الله .
[/size]