الطباعة المجسمة: تقنية حديثة تخرج من الخيال العلمي الى الحقيقة
خرجت تقنية الطباعة المجسمة من عالم الخيال العلمي إلى خطوط الإنتاج الفعلية، حتى أن بعض هذه الطابعات وصلت بالفعل إلى أيدى المستخدمين، وإن كان الخبراء يقولون إن هذه الطابعات لن تحقق انتشارا كبيرا في الفترة الحالية.
ولكن الحقيقة الراسخة هي أن هذه الطابعات تعمل حاليا وتنتج نسخا من قطع غيار السيارات والنماذج الهندسية بل وبعض أدوات المائدة.
ويقول رئيس مختبر الأجسام الثلاثية الأبعاد بجامعة التكنولوجيا في برلين هارتموت شفاندت “سوف يكون بإمكانك أيضا طباعة بعض أعضاء الجسم باستخدام مواد حية”، وسوف تنطوي هذه التقنية على فائدة كبيرة ولا سيما في حالات كسور العظام، موضحا “لو انكسر جزء من العظم، يستطيع المصاب إجراء أشعة مقطعية على موضع الكسر، وسوف يظهر على الفور على شاشة الطابعة شكل الجزء البديل الذي سيتم تركيبه لتعويض الجزء المكسور”.
وتم تطوير هذه التكنولوجيا في الثمانينيات من القرن الماضي، واستمرت جهود تحسينها على مدار السنين. وتختلف أساليب الطباعة حسب المادة الخام المستخدمة، فالبلاستيك على سبيل المثال، يتم إذابته ثم رشه باستخدام جهاز خاص لتصنيع النموذج المطلوب، كما يمكن أيضا وضعه في شكل طبقات فوق بعضها على إطار سابق التجهيز.
وتبدو طابعة شفاندت كما لو كانت فرنا وهي في حجم رجل طويل، أما الطابعة التي تستخدم الخرسانة، فتبدو في شكلها كما لو كانت غسالة، وقبل بدء عملية الطباعة، يجري ملء درج معين في الجهاز بمسحوق إسمنتي، وعن طريق استخدام بعض المواد الكيمياوية المساعدة ، يتم تشكيل الجسم طبقة فوق أخرى.
وبعد انتهاء “الطباعة” يتم وضع النسخة المطبوعة داخل آلة خاصة لإزالة بقايا الخرسانة الزائدة من عليها، ثم يغطى المنتج النهائي بمادة الراتينغ الصمغية لحمايته من الانكسار.
وبحسب شفاندت، فإن هذه التقنية يفضل استخدامها لصناعة التصميمات المعمارية والنماذج الأولية للسيارات باستخدام البلاستيك أو الخرسانة، قائلا “حتى وقتنا هذا، ما زلنا ننظر إلى الأشكال المجسمة على شاشة الكمبيوتر، ولكننا نحتاج إلى شيء نستطيع أن نلمسه، وهذه العملية يمكن تنفيذها بسهولة أكبر باستخدام الطابعة المجسمة”.
ويشير إلى أنه “سوف يكون من الممكن في المستقبل صناعة نماذج للسيارات واللعب والقطع الفنية أو الأطباق باستخدام أجهزة الطباعة المجسمة بدلا من الاعتماد على ماكينات متخصصة لهذا الغرض، مقراً بأن هذه التقنية تبدو كما لو كانت من ضروب الخيال العلمي.
وتتراوح أسعار أجهزة الطباعة المجسمة شبه المهنية ما بين أربعين ألف يورو ومائة ألف، ورغم أنها تحقق نتائج طيبة فإنها لا توفر مجال اختيار واسعا فيما يتعلق بالخامات التي تستخدم في الطباعة.
وبدأت بعض الشركات بالفعل بإنتاج أجهزة طباعة مجسمة للمستخدم العادي، وتعرض شركة “ديسكتوب فاكتوري” الأميركية طابعات من هذا النوع بأسعار تصل إلى 3600 يورو، وتقول الشركة على موقعها الإلكتروني إن “هدفنا هو أن يشيع وجود هذه الطابعات في المكاتب والمصانع والمدارس والمنازل مثل طابعات الليزر في وقتنا هذا”.
ولكن شفاندت يبدي شكوكه في إمكانية تحقيق هذا الهدف في المستقبل القريب، ويقول “أعتقد أن أجهزة الطباعة المجسمة لن تحقق انتشارا واسعا في الفترة المقبلة، ولكنها تظل لعبة ممتعة”.