بيان من الشيخ القرضاوي حول ما تناقلته بعض وسائل الإعلام
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:
فقد ترامى إلى مسامعي ما نسبته لي بعض الصحف ووسائل الإعلام من تصريح صحفي لم أقُله، ولم أُدْلِ به لأيّ وسيلة إعلامية، وزعموا أنني قلتُ فيه: بعض خصوم الإخوان هم مثل قوم لوط، والقردة، والببغاوات .. إلى آخر ما قالوا.
وقد علمتُ بهذا الموضوع وأنا في أول زيارة لي لتونس الخضراء، بعد ثورتها المباركة، وفي الحقيقة لقد كان في برنامج الزيارة الحافل، وفعاليات المؤتمر الذي شاركنا فيه، ما يشغلني عن التصريحات الصحفية، أو التعقيب على ما تداولته الصحف منسوبا إليَّ من أقوال، وهناك بعض الملاحظات على ما نشر:
* أولا: أصل هذا التصريحات مقتطفات من كتابٍ لي عنوانه: (الإخوان المسلمون سبعون عاما في الدعوة والتربية والجهاد)، كان تأليفه بمناسبة مرور سبعين عاما على تأسيسها، وخمسين عاما على استشهاد مؤسسها حسن البنا، والكتاب في 360 صفحة، وقد أعاد بعض المواقع نشر هذه المقتطفات، مِن غير نصٍّ على المصدر أو الكتاب الذي تم النقل عنه، وكان ذلك في إطار خطته لنشر مقتطفات من كتبي، وكتب غيري من العلماء.
* ثانيا: إني لم اتهم معارضي الإخوان بأنهم من قوم لوط، أو يفعلون فعل قوم لوط – معاذ الله- ولكني في خاتمة الكتاب تحدثتُ عن الذين يعادون الإخوان، ولماذا يعادونهم؟ فقلتُ:
(إن هناك أناسًا وجدوا في هذه الدعوة قيودا على سرقاتهم وأطماعهم ومصالحهم وامتيازاتهم، فلا غروا أن يعادوا دعوة الإخوان؛ دفاعًا عن مصالحهم التي كسبوها بالباطل، ولكنّهم لا يعلنون ذلك بصراحة، بل يغلّفون ذلك بأغلفة شتّى، حتى لا تظهر لصوصيتهم، ولا فجورهم للناس.
وهناك آخرون رأوا في دعوة الإخوان: قيودا على ملذّاتهم، وشهواتهم المحرمة، من الخمر والميسر والنساء، وغيرها مما تُتيحه لهم الأنظمة الوضعية، فهم لذلك يقاومون هذه الدعوة التي تضيق عليهم ما كان موسعا لهم، على طريقة قوم لوط الذين دعاهم رسولهم إلى الإيمان والطهارة من القذارة، فقالوا: {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل:56].
وهناك من يعادون الإخوان؛ لأنهم يجهلون حقيقة دعوتهم، ولا يعرفون أهدافها ولا مناهجها ووسائلها، ولا القائمين عليها، وقد قال العرب: من جهل شيئا عاداه، والله تعالى يقول: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يونس:39].)
فهل في هذا الكلام تطاول أو بذاءة؟ وهل فيه إساءة إلى شخص بعينه، أو حزب بعينه إلا على {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ*فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ}[الفجر:11-12] .
* ثالثا: إن هناك تساهلا في المهنية من بعض وسائل الإعلام، فلا يُذكر الموقع المأخوذ عنه الخبر، ولا يُذكر إذا كان حوارا صحفيا، أم من موضوعات مختارة من كتبي، ثم يُوضَع بعد ذلك عنوانٌ غير مُعبّر عن الموضوع، ثم يدور النقاش حول العنوان الذي لم أخترْه أو أقرّه، ويتم توظيفه في إطار معركة سياسية، قد تم كتابة هذا الكلام بمعزل عنها تماما. وإني أطالب وسائل الإعلام التي نقلتْ عنِّي ما نقلتْ من غير تثبّت، أن تعود فتنقل التوضيح فهذا أبسط قواعد المهنية.
* رابعا: البعض سارع إلى النيل منّي بناء على هذه التصريحات، فأطلق للسانه العَنان، والبعض الآخر من إخواني - وربما حسبوا تأخري في التوضيح إقرارا بما نشر – فعل أيضا مثلما فعل من لا علم له بي، وقد كنت أتوقع أن يستبعدوا صحة نسبة هذا إليَّ، أو يحتاطوا لأنفسهم فيقولوا ما تعلمناه من الصديق: إن كان قد قال.
فربما لا يكون النقل صحيحا، أو دقيقا كما هو الحال.
* خامسا: كيف أضيق بنقد الإخوان أو معارضتهم في الرأي والفكر والممارسة، والكتاب الذي أُخذ منه الكلام ذكرتُ فيه ما يميّزهم، كما نقدتُ فيه الإخوان في أكثر من أمر، ولا يُعلم عنّي أنني ضدُّ النقد، أو النقد بآدابه المعلومة لأهله.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.