ذكرى النكبة الفلسطينية 15 ايار/مايو, ذكرى النكبة الفلسطينية 2012, Nakba Day
ذكرى النكبة الفلسطينية
تعتبر ذكرى النكبة من أهم المناسبات التي يحييها الشعب الفلسطيني خاصة اللاجئين والمهجرين منهم. وترمز النكبة إلى التهجير الجماعي والطرد القسري لمئات الألوف من المدنيين الفلسطينيين في العام 1948 وتأكيد الفلسطينيون على تمسكهم بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم تنفيذا للقرار الأممي 194.
الخامس عشر من آيار في كل عام هو ذكرى النكبة الفلسطينية، أي الاحتلال الصهيوني العسكري لما يقارب 80 % من أرض فلسطين، وإعلان إقامة "دولة إسرائيل" في هذا اليوم من العام 1948، وهو أيضا تشريد ما يقارب المليون فلسطيني بعد احتلال مدنهم وقراهم وأراضيهم، ودفع بعضهم الى قطاع غزة والضفة الغربية ونهر الأردن، والى عدد من الأقطار العربية المجاورة مثل الأردن والعراق وسورية ولبنان.
هذه النكبة لم تولد في هذا التاريخ تحديدا، بقدر ما كان هذا التاريخ (15 آيار 1948) ذروة سلسلة من الأحداث والقرارات والمواجهات، بدأت حتى قبل الاحتلال البريطاني لفلسطين في العام 1917، أي في قرار الخارجية البريطانية "إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين"، في ما عرف باسم تصريح بلفور وقامت بريطانيا المحتلة بوضع هذا التصريح موضع التنفيذ منذ اللحظة التي دخل فيها قائد القوات البريطانية الجنرال "اللنبي" القدس واحتلها، منهيا بذلك تبعية فلسطين للدولة العثمانية المهزومة في الحرب العالمية الأولى، وفاتحا الطريق أمام الحركة الصهيونية الممثلة آنذاك بما يسمى "الوكالة اليهودية" والتي تضم المنظمات والأحزاب اليهودية والصهيونية على حد سواء، وكان الطريق هو طريق فتح أبواب فلسطين أمام نشاط هذه الوكالة المحموم للاستيلاء على الأرض الفلسطينية بكل الوسائل وتنظيم هجرة اليهود الجماعية إلى فلسطين من مختلف أنحاء العالم، ومحاولة شراء أراض في فلسطين، وإعداد قوة عسكرية مدربة جيدا، وبناء مستعمرات مدنية - عسكرية في فلسطين.
ومع يقظة الفلسطينيين والعرب على ما يحدث في فلسطين، بدأت مواجهة مدّ الهجرة الصهيونية منذ البداية بانتفاضات متفرقة أهمها انتفاضة الشيخ عز الدين القسام من حيفا، ورغم استشهاد "القسام" الذي أطلق الرصاصة الأولى، إلا أن حركته فعلت فعلها في الأوساط الفلسطينية، والفلاحية بخاصة، فانطلقت ثورة العام 1936 المسلحة وكانت ثورة عامة أساسها أصحاب الأرض التي يستهدفها مشروع الاحتلال الصهيوني ولكن هذه الثورة انتهت بعد ثلاث سنوات، لأسباب عدة.
ومع نهاية الحرب العالمية الثانية التي أخرجت بريطانيا من عداد الدول العظمى، نقلت قضية الصراع في فلسطين الى الأمم المتحدة، بعد أن تهيأ الجو تماما تقريبا للوكالة اليهودية، عسكريا وسياسيا وماليا ومهاجرين، لحسم معركتها مع الفلسطينيين، والعرب عموما وطرح قرار تقسيم فلسطين في العام 1947 وتمت الموافقة عليه في الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد ضغوط أمريكية هائلة على عدد من الدول، وصدر القرار رقم 171 الشهير، الذي منح "الوكالة اليهودية" حق إقامة "دولة" على أرض فلسطين. جاء على لسان وزير الخارجية الإسرائيلي السابق شلومو بين - آمي الذي اعترف بأنه حين صدر قرار تقسيم فلسطين كان ما استطاعت المنظمات الصهيونية شراءه من أراضي فلسطين من أملاك الغائبين وبتسهيلات حكومة الاحتلال البريطاني يصل الى ما نسبته %6 من أرض فلسطين أي بالنتيجة "دولة إسرائيل" التي أطلق عليها هذا الاسم حال قيامها، تقوم على أراض مسروقة بالقوة من الفلسطينيين.
إذن حين اندلعت حرب 1948 بين الفلاحين الفلسطينيين بإمكانياتهم البسيطة وبين المنظمات الصهيونية المسلحة بأقوى الأسلحة من مخازن الدول الغربية والشرقية، كانت النتيجة معروفة سلفا.
بكل الدعم الهائل دوليا ورسميا عربيا، أطلقت العصابات الصهيونية، الهاغاناه، وشتيرن، وإتسل ..إلخ أعنف حملة إرهاب ضد الفلسطينيين قبل 15 آيار 1948 وبعده، هوجمت فيها القرى الفلسطينية ليلا وقتل المدنيون أطفالا ونساء ورجالا وهم في أسرة نومهم، وزرعت المتفجرات في الأسواق والفنادق والشوارع، وتم التخطيط لمذابح منظمة في كل قرية أو مدينة فلسطينية يتم الاستيلاء عليها لإجبار الفلسطينيين على النزوح عن أراضيهم وبيوتهم، ومن أصر على البقاء كان مصيره الإبادة.
حملة التطهير العرقي هذه، التي بدأت قبل العام 1948 وفق مخطط مسبق، وتواصلت خلال حرب 1948، ولم تستطع الجيوش العربية الضعيفة التي دخلت فلسطين إيقافها، ترافقت مع نسف للقرى والبيوت، وتم تدمير أكثر من 600 قرية فلسطينية، واحتلال المدن الكبرى مثل عكا وحيفا ويافا والناصرة واللد والرملة، وطرد سكانها، وحشر ما تبقى منهم في معسكرات الاعتقال، وإجراء إعدامات جماعية في هذه المعسكرات واستمرت الحملة الإرهابية، حملة الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وبيوتهم بالقوة، حتى بعد توقف حرب 1948، وتوقيع عدد من الدول العربية المجاورة اتفاقيات هدنة مع الدولة المحتلة، ظلت متواصلة.
ما تشهده فلسطين الآن هو استمرار لمشروع إقامة "دولة لليهود" على أرض فلسطين الكاملة, صحيح أن وسائط الإعلام وبعض الحركات السياسية الفلسطينية والعربية تتجاهل ما يجري، وتركز النظر على الاستيلاء على أراضي الضفة الغربية وإقامة المستعمرات، وحرمان الفلاحين الفلسطينيين من أراضيهم في هذا الجزء من فلسطين، ولكن الحقيقة، القائمة هي أن مصادرة الأرض وهدم البيوت واضطهاد الفلسطينيين لاتزال متواصلة في المناطق التي احتلت في العام 1948 أيضا، رغم أن وسائط الإعلام تتجاهله، وهناك استمرار لمشروع حرمان الفلسطينيين من مقومات العيش بكل الوسائط بالإرهاب العسكري، والتشريعات الصهيونية، والجدار الذي يلتهم60 % من أراضي الضفة الغربية، ومحاصرة قطاع غزة حصاراً كاملا• النكبة الفلسطينية إذن ليست حادثا حدث وانتهى في 15 أيار 1948، بل هي نكبة قائمة حتى هذه اللحظة، وتتمدد وتتواصل، في وقت أسوأ من وقت حرب 1948 •