رانيا القرعاوي من الرياض
لم يستطع العلماء تجاهل تأثير استخدام أجهزة الحاسوب وتصفح البريد الإلكتروني لفترة طويلة، إذ كشفت دراسة تحمل اسم "الإيميل القاتل" أجريت من قبل جامعة كاليفورنيا أن الأشخاص الذين يتطلب عملهم البقاء على الإنترنت ومتابعة الإيميلات فترة طويلة يصابون بأمراض توتر وعصبية قد تؤدي إلى الموت.
فبعد دراسة ميدانية على الموظفين المتعاملين مع البريد الإلكتروني وغيرهم، كشفوا أن الموظفين الذين لا يتطلب عملهم العمل على البريد الإلكتروني فإنهم يكونون أقل عصبية وأكثر إنتاجية ولا يعانون أمراضا كالتوتر والعصبية.
وبعد اختبار الباحثون مستويات الإجهاد للموظفين عن طريق ربط أجهزة تقيس معدل ضربات القلب، حيث وجدت أن ضربات القلب للموظفين المتطلب عملهم الاطلاع على البريد الإلكتروني والعمل أمام الكمبيوتر ارتفاع مستويات التوتر وضربات القلب لديهم أكثر من غيرهم من الذين لا يعملون أمام البريد الإلكتروني والكمبيوتر.
وكشفت الدراسة أن الأفراد الذين يضطرون لمطالعة إيميلهم 37 مرة في الساعة الواحدة ترتفع لديهم معدل ضربات القلب والتوتر والعصبية بنسبة الضعف أكثر من الموظفين الذين يشاهدونه 18 مرة.
وفي هذا السياق أوضح صالح المطيري رئيس قسم السلامة المهنية والرعاية العمالية في مؤسسة التأمينات الاجتماعية لـ "الاقتصادية" أن التأمينات الاجتماعية لا تضم بنودا لأخطار أو إصابات العمل الناتجة عن استخدام جهاز الكمبيوتر أو متابعة البريد الإلكتروني لفترة طويلة.
وأخضع الباحثون في الدراسة الموظفين لتجربة التوقف عن استخدام البريد الإلكتروني لمدة خمس أيام فكانت النتيجة انتظاما في معدل ضربات القلب وأقل توترا وعصبية كما أنهم استطاعوا التركيز أكثر في مهام العمل وفي الحياة الاجتماعية.
وطالبت الدراسة التي تم تمويلها من قبل الجيش والمؤسسة الوطنية للعلوم أصحاب العمل بتغيير الطريقة التي يتعاملون بها مع البريد الإلكتروني بما يسمى "التجميع" برسائل البريد الإلكتروني، حيث يمكن للمنظمات إرسال رسائل البريد الإلكتروني مرة واحدة أو مرتين في اليوم، بدلا من استمرار إرسالها طوال الوقت، إضافة إلى إعطاء الموظفين إجازة أسبوعية من مشاهدة الإيميل لتفادي الآثار المرضية الناتجة عن الوظائف التي تطلب فحص البريد الإلكتروني الخاصة بهم كل عشر دقائق. ونصحت الموظفين لتفادي العزلة الناتجة عن التوقف عن استخدام البريد الإلكتروني بالحصول على آخر مستجدات وأحداث العمل من زملائهم.
وقال صالح المطيري إنه حتى الآن لم تجر المؤسسة دراسات وأبحاث تثبت وجود إصابات جراء استخدام الكمبيوتر لفترة طويلة من الوقت. وأكد أنه حتى الآن لم تأت حالات مرضية أو إصابات جراء التعرض للكمبيوتر لفترة طويلة، وأن إصابات العمل التي تعتمدها المؤسسة لم تضف التعويض لأنواع جديدة من الأمراض نظرا لأن سوق العمل لم يتغير حتى الآن لهذا لم تحصل إصابات عمل جديدة.
على الرغم من أن تعريف إصابة العمل في مؤسسة التأمينات الاجتماعية تضمن التعويض عن الإصابة بالأمراض التي يثبت أن سببها العمل إضافة إلى الحوادث أو الأمراض التي تقع للموظفين أثناء العمل ومع إثبات وتأكيد الكثير من الدراسات العلمية والطبية عن أمراض متعلقة بالظهر وتصلب العضلات والعين، وأخيرا أمراض خاصة بضربات القلب والتوتر الذي وصفته الدراسة بالقاتل، فإن نظام التعويضات ما زال يهمل أمراض العصر الناتجة عن الوظائف الجديدة ويتعامل فقط مع الأمراض التي تتطلب جهدا جسديا كعامل البناء وما شابهها من أعمال.