حصدت 55 قتيلا واصابت المئات وسط العاصمة السورية
واشنطن تبرئ المعارضة ولا تدين النظام بتفجيرات دمشق وتتهم عناصر متطرفة وتطالب بحل سياسي قبل فوات الاوان
2012-05-10
دمشق ـ عواصم ـ وكالات: قتل خمسة وخمسون شخصا على الاقل في انفجارين انتحاريين هزا دمشق صباح الخميس في احد اعنف الهجمات التي تشهدها سورية منذ اندلاع الاحتجاجات قبل اكثر من عام، مما اثار ردود فعل غاضبة وندد البيت الابيض بالتفجيرين وقال انهما لا يعبران عن المعارضين للرئيس السوري بشار الاسد مشيرا إلى أنهما يظهران الحاجة لإنهاء الاضطرابات في البلاد.
وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الابيض 'مثل هذه الهجمات التي تسفر عن قتل وإصابة المدنيين بدون تمييز تستحق التنديد ولا يمكن تبريرها' مضيفا 'انها تذكرنا ايضا بالحاجة العاجلة للتوصل إلى حل سياسي قبل فوات الأوان'.
وأضاف كارني على متن طائرة الرئاسة الامريكية 'لا نعتقد أن (هذا) النوع من الهجمات التي شاهدتموها في دمشق تعبر عن المعارضة. يوجد بوضوح عناصر متطرفة في سوريا كما نقول دوما تحاول استغلال الفوضى في البلاد.. الفوضى التي تسبب فيها هجوم الأسد الوحشي على شعبه'.
ومن جهته دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون جميع الأطراف إلى وقف العنف والابتعاد عن 'التفجيرات العشوائية وغيرها من الهجمات الإرهابية'، كما دفع رئيس بعثة المراقبين الدوليين روبرت مود الى دعوة 'الجميع في سورية وخارجها' للمساعدة على وقف اعمال العنف. وقال زعماء في المعارضة السورية إن خطة عنان للسلام ماتت بينما أصرت قوى غربية على أنها مازالت أفضل طريقة للمضي قدما.
وقتل اكثر من 55 شخصا وجرح 372 آخرون في الانفجارين 'الارهابيين الانتحاريين' بحسب التلفزيون السوري الذي اشار الى ان كمية المتفجرات المستخدمة تفوق الف كيلوغرام. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان من جهة اخرى ان عدد قتلى الانفجارين وصل الى 59، مشيرا الى ان معظم المصابين هم من عناصر الامن.
ووسط دمار هائل بعد الانفجارين، يملأ المسعفون اكياسا من النايلون ببقايا جثث متناثرة فيما بدا الذهول على كثيرين لوقع ما شاهدوا من الجثث المتفحمة والمشوهة.
وبحسب المرصد السوري وقع الانفجاران بشكل شبه متزامن قرابة الساعة الثامنة صباحا بتوقيت دمشق (5.00 تغ) على المتحلق الجنوبي في دمشق اثناء 'توجه الموظفين الى اعمالهم والطلاب الى مدارسهم'، بحسب التلفزيون السوري.
وافاد مصور لوكالة فرانس برس ان اشلاء بشرية كانت متناثرة في الموقع، وان عددا من المباني والسيارات في المكان تضررت جراء الانفجار الذي ترك حفرة بعمق ثلاثة امتار.
وقال رجل 'مسكينة سورية، مساكين نحن'، فيما صرخ اخر 'ابن عمي ... اريد ان اعرف ما حصل لابن عمي'. وشاهد مصور وكالة فرانس برس الموجود في المكان 'دماغا صغيرا يعود لطفل ربما غارقا في بقعة من الدم'.
وبث التلفزيون السوري صورا من موقع الانفجار تظهر الدمار والجثث والاشلاء، ويسمع فيها اشخاص يقولون 'هذه هي الحرية التي يريدونها' في اشارة الى المعارضين للنظام.
وقالت وزارة الخارجية السورية إن التفجير المزدوج الذي وقع في العاصمة دمشق الخميس يدل على أن سورية تواجه إرهابا مدعوما من الخارج. ودعت مجلس الأمن الدولي إلى التصدي للدول والجماعات الداعمة للعنف.
وأحدث أحد التفجيرين حفرة عمقها ثلاثة امتار على الطريق الدائري الجنوبي بالمدينة وتناثرت على الطريق جثث القتلى واشلاؤهم.
وأظهر التلفزيون الرسمي شاحنة واحدة على الاقل مقلوبة. وانهارت جدران مبان على جانبي طريق واسع بالمنطقة.
وقال ساكن لرويترز إن التفجيرين سببا أضرارا محدودة في مجمع المخابرات العسكرية فرع فلسطين. وفرع فلسطين هو أكثر أجهزة الشرطة السرية المرهوبة الجانب في سورية والتي يصل عددها إلى أكثر من 20 جهازا.
ووسط هذه الساحة التي سادها الدمار والخراب، صرخ رجل 'هل هذه هي الحرية التي تريدون؟ طلاب يتوجهون الى مدارسهم وموظفون الى اعمالهم يقتلون'، في اشارة الى حركة الاحتجاج الشعبية.
وقال اخر التقط مصور فرانس برس صورة له 'انها هدايا (رجب طيب) اردوغان وحمد (بن خليفة ال ثاني)'، اي رئيس الوزراء التركي وامير قطر. واضاف 'انهم يقتلون الاطفال والعجزة ورجال الدين'. وقال شاهد اخر هذا عمل السعوديين، مشيرا الى المملكة التي طالبت بتسليح معارضي الاسد الذين يسعون لاسقاطه.
ودعت قطر الى تسليح المعارضين واصبحت تركيا حليفة دمشق السابقة، في طليعة منتقدي النظام.
واعتبر محلل في حديثه مع التلفزيون السوري الحكومي ان هذه المشاهد المروعة 'تذكر بالانفجارات التي كانت تقع في العراق بعد الغزو الامريكي' لهذا البلد في العام 2003.
ودان مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية الى سورية كوفي عنان التفجيرين، مؤكدا ان 'هذه الاعمال المشينة غير مقبولة ويجب ان يتوقف العنف في سورية'.
كما دان المتحدث باسم الدبلوماسية الاوروبية مايكل مان التفجيرين، مضيفا ان 'التصعيد في التفجيرات والانتهاكات المتواصلة لوقف اطلاق النار تجعل من مهمة عنان اكثر صعوبة وانما ايضا اكثر اهمية'.
ومن جهته قال نبيل العربي الامين العام لجامعة الدول العربية ان التفجيرين اللذين شهدتهما سورية الخميس يهدفان الى تقويض عمل البعثة التابعة للامم المتحدة التي تراقب الهدنة التي توسط فيها عنان.
وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو ان النظام السوري 'من خلال اختياره القمع الاعمى والوحشي، غرق في دائرة عنف لا مخرج منها'، مشددا على ان خطة عنان تمثل الفرصة الاخيرة للخروج من الازمة.
وقال وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف للصحافيين بعد محادثات في بكين مع نظيره الصيني يانغ جيشي 'نطلب من جميع الاطراف وقف العنف والتعاون مع عنان'، مشيرا في الوقت نفسه الى ان موقف بلاده من الوضع في سورية لن يتغير.
واتهم المجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر في دمشق وريفها النظام بتدبير انفجاري دمشق 'لاثبات رواية النظام بوجود ارهابيين' في سورية.