قصة حقيقية مهداة لكل زوجين فاعتبروا
كتب الشيخ الجليل :" بن سالم باهشام " قصة واقعية حقيقية ومؤثرة ،وليست من نسج الخيال
وما أكثر القصص في واقعنا التي إن تأملناها إكتشفنا الكثير من الدروس والعبر وأخذنا الكثير من الفوائد والحكم ...
القصة بعنوان :" القهوة المالحة "
كان يراها وهي تذهب وتعود... تبعها مرات عدة لكن خجله منعه من الحديث معها، سأل عنها وعن أهلها .... أُعجب بأخلاقها،
كان هو شابا عاديا ولم يكن ملفتا للانتباه، تقدم إليها وخطبها من والديها...طار قلبه من الفرح فهو على وشك أن يكون له بيت وأسرة .
خرج ذات مرة معها بعد أن دعاها إلى فنجان قهوة، لما جلسا في مطعم وفي مكان منعزل جميل، كان مضطربا جدا ولم يستطع الحديث،
هي بدورها شعرت بذلك، لكنها كانت رقيقة ولطيفة فلم تسأله عن سبب اضطرابه،
خشيت أن تحرجه فصارت تبتسم له كلما وقعت عيناهما على بعض، وفجأة أشار ل"لجرسون" قائلا قصة حقيقية مهداة لكل زوجين فاعتبروا رجاءا .. أريد بعض الملح لقهوتي) !!
نظرت إليه وعلى وجهها ابتسامة فيها استغراب، احمر وجهه خجلاً ومع هذا وضع الملح في قهوته وشربها،
سألته: لم أسمع بملح مع القهوة؟!
رد عليها قائلاً:عندما كنت فتى صغيرا، كنت أعيش بالقرب من البحر، كنت أحب البحر وأشعر بملوحته، تماما مثل القهوة المالحة،
الآن كل مرة أشرب القهوة المالحة أتذكر طفولتي، وبلدتي،
وأشتاق لأبواي اللذين علماني وربياني وتحملا لأجلي الكثير... رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته.
امتلأت عيناه بالدموع.... وتأثر كثيرا،وكان ذلك شعوره الحقيقي من صميم قلبه
تأثرت بحديثه العذب ووفائه لوالديه فترقرقت الدموع في عينيها.... فرحاً بزوج حنون ووفي أهداها الله إياه،
حمدت الله أنه جعل نصيبها على شاب حنون رقيق القلب ،لطالما طلبت ذلك من الله بصدق في صلاتها،
لطالما سألته في سجودها أن لا يجعل حياتها هماً ونكداً مع رجل لا يخاف الله.
حقق الله لها أمنيتها .... اكتشفت أنه الرجل الذي تنطبق عليه المواصفات التي تريدها. كان ذكيا، وطيب القلب، وحنونا، وحريصا,,,
وكانت تشتاق إلى رؤيته كلما أخرج رأسه الأصلع من خلف باب بيتها وهو يودعها.
لكن قهوته المالحة شيء غريب فعلاً،إلى هنا، القصة كأي قصة لخطيبين.
كانت
كلما صنعت له قهوة وضعت فيها ملحاً لأنه يحبها هكذا..... مالحة، وبعد
أربعين عاما من زواجهما وإنجابهما ستة أطفال ، توفاه الله.
مات
الرجل الحبيب إلى قلبها بعد أن تحمل كأبيه أعباء كثيرة، لكن بيتهما وعشهما
الدافئ أهدى للمجتمع ستة أطفال، اثنان: أطباء جراحة، والثالث:
مهندس رفيع المستوى، والرابع: محامي عادل يقف مع الحق إلى أن يرده لأصحابه، يقصده الفقراء قبل الأغنياء ،
ويحبه القضاة لنزاهته.... معروف في الحي أنه النزيه ذي اليد التي لا تنضب،
والخامسة طبيبة نسائية وتوليد، والسادسة لا تزال تكمل مشوارها الدراسي.
مات هذا الأب العظيم، بعد أربعين عاماً من حياة الحب والود مع رفيقة دربه .
لكنه
قبيل موته ترك لزوجته رسالة هذا نصها قصة حقيقية مهداة لكل زوجين فاعتبروا أم فلان، سامحيني، لقد كذبت عليك
مرة واحدة فقط، القهوة المالحة ! أتذكرين أول لقاء في المقهى بيننا ؟
كنت مضطربا وقتها وأردت طلب سكر لقهوتي ولكن نتيجة لاضطرابي قلت: ملحا بدل سكرا !! وخجلت من العدول عن كلامي فاستمررت!!
أردت إخبارك بالحقيقة بعد هذه الحادثة، ولكني خفت أن أطلعك عليها كي لا تظني أنني ماهر في شكرا!!
فقررت ألا أكذب عليك أبدا مرة أخرى، لكني الآن أعلم أن أيامي باتت معدودة فقررت أن أطلعك على الحقيقة،
انا
لا أحب القهوة المالحة !! طعمها غريب! لكني شربت القهوة المالحة طوال
حياتي معك ولم أشعر بالأسف على شربي لها لأن وجودي معك وقلبك الحنون طغى
على أي
شيء، لو أن لي حياة أخرى في هذه الدنيا أعيشها لعشتها معك حتى لو اضطررت لشرب القهوة المالحة في هذه الحياة الثانية،
لكن ما عند الله خير وأبقى وإني لأرجو أن يجمعني الله بك في جنات ونعيم، دموعها أغرقت الرسالة... وصارت تبكي كالأطفال.
يوما
ما سألها ابنها: أمي ما طعم القهوة المالحة ؟ فأجابت: إنها على قلبي أطيب
من السكر، إنها ذكرى عمري الذي مضى، وفاضت عيناها بالدموع ....