بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن من القليل النادر أن لا تسمع بيتاً يتوجع من هذه المأساة، بإنسان يموت عمداً بغير آله أو ضربة،هل مر على عقولكم
أن بشراً يقتل عمداً بسبب أخيه، دون أن يمس القتيل بلمسة واحد،هل قرأتم أن إنساناً كان يمشي بسيارته الجديدة في آمان
الله وإذ بالأخبار تذاع أن هذا المسكين انقلبت عليه سيارته،أو تلك الفتاة الشابة النضرة التي لم يمضي على زواجها سوى
بضعة أيام ترقد على السرير كأنها عود آراك،أو ذلك الموظف الذي كان شعلة حماس، وخادماً للناس يرتقي في
وظيفته، وما ثم إلا ساعات لا يطيق عملاً، ولا يشرفك بخدمة إنسان،فما تفسير هذا الحقد الواقع، وما هو تعبير هذه
القصص المتكررة المتواترة،إن جواب ذلك كله حديث النبي صلى الله عليه وسلم(العين حق ولو كان شيء سابق القدر
لسبقته العين) اخرجه مسلم، والترمزي،من حديث عبد الله بن عباس،فالعين عبارة عن نظرة من إنسان على أخيه الإنسان
مستحسناً شيئاً عنده، معجباً به، ويحدق فيه النظر حسداً منه أو إعجاباً، ولم يذكر الله ولم يقل ما شاء الله فيقع الضرر على
أخيه،يقول الرسول صلى الله عليه وسلم(إن العين لتولع بالرجل بإذن الله حتى يصعد حالقاً فيتردى منه)أخرجه
أحمد،من حديث أبي ذر رضي الله عنه،أي أن العين تصيب الرجل فتؤثر على عقله وروحه حتى أنه يفكر أن يصعد على
مكان عالٍ فيسقط، بل إن نتيجة هذه العين أحياناً القتل،عن جابر رضي الله عنه،قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم في الحديث الثابت(العين
تدخل الرجل القبر، وتدخل الجمل القدر)حديث صحيح، وحسنه الألباني،عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال(اغتسل أبي سهل بن حنيف بالخراز
المدينة ،فنزع جبة كانت عليه، وعامر بن ربيعة ينظر إليه، وكان سهل شديد البياض، حسن الجلد،فقال عامر،ما رأيت
كاليوم ولا جلد مخبأة عذراء،يشبه بالعروس العذراء التي لا تظهر للناس،فوعك سهل مكانه واشتد وعكه، فأتى النبي صلى
الله عليه وسلم فقيل له،ما يرفع رأسه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم،هل تتهمون أحداً،قالوا،عامر بن ربيعة فدعاه
رسول الله صلى الله عليه وسلم فتغيظ عليه، فقال،علام يقتل أحدكم أخاه،ألا برّكت، اغتسل له، فغسل عامر وجهه ويديه،ومرفقيه وركبتيه، وأطراف رجليه،
وداخلة إزاره في قدح ثم صبَّ عليه من ورائه فبرأ سهل من ساعته)يقول
الله تعالى(وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين)يقول ابن كثير،
ليزلقونك بأبصارهم،أي يعينونك بأبصارهم بمعنى يحسدونك لبغضهم إياك،لولا وقايه الله لك وحمايته إياك منهم،
وعلى كل من يعلم من نفسه أنه ربما يصيب بالعين أن يتقي الله في إخوانه كما قال عليه الصلاة والسلام، وأن يكثر دائماً من ذكر الله والدعاء بالبركة،
وأن يجتنب الاسترسال في الوصف والاستحسان، وجموح النفس في ذكر ما تراه
العين من الأمر المستحسنة،وإنك لتعجب من تمادي بعض العائنين، وجرأتهم على الله في التنافس على إيذاء فلان، أو إفساد سيارة أو بيت علان منهم،
هل نصلي الفجر والعشاء جماعة لنكون في حفظ الله،هل نخص أنفسنا بأذكار الصباح
والمساء،أسئلة واضحة لو أجبنا عليها لما تسلط علينا الحاسدون والشيطان(قل أعوذ برب الفلق،من شر ماخلق،ومن شر غاسق إذا وقب،ومن شر النفاثات في العقد،ومن شر حاسد إذا حسد)