خطة التخريب ترتد نحو لبنان …..غالب قنديل
الوقائع التي كشفتها عملية مصادرة باخرة السلاح والمعلومات الأولية المتداولة عن التحقيقات تشير إلى خطورة النهج الذي تتبناه قوى 14 آذار والجماعة الإسلامية والقائم على تحويل لبنان إلى منصة ومعقل للإرهاب الذي يستهدف سورية ، و الأخطر من ذلك هو المؤشرات السياسية التي تدل على تفعيل نقل خطة التخريب و استعمال عدة الشغل المحشودة على الأرض في خطة جهنمية لإحراق لبنان بعد الفشل في سورية .
أولا: أيا كانت التفاصيل فمن الواضح أن جهات لبنانية ترتبط بمرجعية سعودية مع جهات من المعارضات السورية قد دبرت عملية شراء الأسلحة وشحنها إلى لبنان وتشير محطات الباخرة التي تنقلت من ليبيا إلى مصر وتركيا ، قبل أن تبحر نحو لبنان إلى أن تنظيم الأخوان المسلمين والقوى التكفيرية الوهابية المتطرفة ، طرف مباشر في عملية إرسال الأسلحة إلى الشمال اللبناني و قد حظيت بتسهيلات إقليمية في الموانئ التي جالت عليها قبل أن تقع في قبضة الجيش اللبناني .
إن العصابات الإرهابية المسلحة الناشطة في سورية تحت يافطات متعددة تتصل بالمعارضة المتناحرة وكذلك بحلفائها في لبنان من تيار المستقبل والقوات اللبنانية والجماعة الإسلامية ومجموعات التكفير و هؤلاء جميعا باتوا يمثلون شبكة خطيرة تهدد الأمن الوطني اللبناني وتسعى لإثارة الاضطرابات ولتفعيل المذابح والجرائم الجارية على الأرض السورية ، و هي تنتقل بخططها نحو لبنان بحثا عن الترضية السعودية القطرية التركية التي تعوض خسارة الرهان السوري.
ثانيا: من المؤكد ورغم المفرقعات الإعلامية التي يطلقها الحلف الاستعماري الغربي وأذنابه حول الوضع السوري أن الدولة السورية قطعت شوطا مهما في السيطرة على حدودها وفي سد المنافذ التي استعملت منذ مطلع السنة الماضية لتهريب السلاح والمسلحين إلى سورية والدليل على ذلك هو ارتفاع معدل ضبط الجماعات المتسللة و إفشال محاولات متزايدة لتهريب الأسلحة والأموال وأجهزة الاتصالات إلى العصابات الإرهابية داخل سورية ، سواء عبر لبنان أم الأردن أم تركيا أم العراق ، وإذا كانت حكومتا بغداد وعمان تبديان بعض التعاون مع دمشق ، فان التهريب عبر الحدود التركية يجري بتآمر من حكومة اردوغان وحلف المخابرات الغربية المتورط في الحرب على سورية انطلاقا من تركيا ، وعلى الرغم من ذلك فقد اضطر الإرهابيون إلى محاولة التسلل بحرا إلى اللاذقية ، بعد الإجراءات المشددة على الحدود السورية وفي لبنان ومقابل التدابير السورية على الحدود باشر الجيش اللبناني اتخاذ بعض الإجراءات الجديدة في سبيل السيطرة على المعابر الحدودية غير الشرعية.
ثالثا: هذه المقدمات تشير إلى أن الأوكار القائمة في لبنان بدافع التخريب في سورية باتت مشكلة لبنانية وقد بات واضحا لكل ذي بصيرة أن حلف الحرب والعدوان على سورية وبالذات ذراعه الخليجية يرتد في مخطط التخريب نحو لبنان بعد هزيمته هناك وبالتالي فإن التساؤل عما إذا كانت وجهة الباخرة لبنان و وظيفة حمولتها تسليح جماعات إرهابية على الأرض اللبنانية، يصبح منطقيا ومشروعا.
ما يدبر لتخريب لبنان في المطبخ السعودي والقطري يرتبط بخطة جيفري فيلتمان لتنفيذ انقلاب سياسي يسبق انتخابات 2013 النيابية عبر استعمال المقاتلين المتطرفين والتكفيريين الذين يحشدون على الأرض اللبنانية تحت العنوان السوري.
المسؤولية كبيرة على السلطات الأمنية والقضائية و هي تتمثل في قيادة التحقيقات نحو الكشف عن جميع الجهات المتورطة وفي اتخاذ الإجراءات والتدابير الدبلوماسية والأمنية بحق المتورطين من ليبيا ومصر وتركيا والسعودية وكل من يظهره التحقيق من الجهات اللبنانية المسؤولة عن إدارة شبكات التحريض و التحشيد والتسليح التي يبدو أن وظيفة جديدة في الداخل اللبناني قد رسمت لها.
رابعا إذا كانت الحكومة قد اعتمدت يافطة النأي في الموضوع السوري وتساهلت وتراخت في ضبط الحدود وتخلت عن مسؤوليتها في منع إقامة منصات لتهديد سورية وأمنها ، فإن السؤال الموجه لكل من الرئيس ميشال سليمان والرئيس نجيب ميقاتي ومجلس الوزراء مجتمعا هو عن النأي كوصفة في التعامل مع أخطار محدقة تعصف باستقرار لبنان.
ما تجمع من أوكار تخريب وإرهاب على الأرض اللبنانية وخصوصا ما حشد من مرتزقة وجماعات تكفير وقتل بجنسيات متعددة يعادل مئة نهر بارد وعلى الرأي العام اللبناني إدراك هذه الحقيقة ومحاسبة المسؤولين بثقل ما تمثله من خطر داهم على حياة اللبنانيين وعلى أمنهم واستقرارهم، خصوصا وان ما نعرفه ويعرفه الناس عن هذه المشكلة ليس إلا رأس جبل الجليد فالمخفي أعظم بكثير ولو كان عندنا قضاء لجرجرت رؤوس كبيرة من 14 آذار وقيادة الجماعة الإسلامية إلى التحقيق ومعها الزمر المتطرفة التي تنذر وتتوعد على شاشات التلفزيون بلا حسيب أو رقيب، إن التساهل في هذا الأمر سيهدد لبنان بموجة عارمة من الفوضى والاضطراب وعلى الشعب اللبناني أن يعرف ذلك .