0
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حسن اسلام المرء تركه ما يعنيه
رواه الترمذي وغيره
وقوله صلى الله عليه وسلم: من حسن اسلام المرء تركه مالا يعنيه أي ما يهمه من أمر الدين والدنيا من الأفعال والأقوال
وقال عليه الصلاة والسلام لأبي ذر الغفاري رضي الله عنه حين سأله عن صحف ابراهيم: كانت أمثالا كلها, كان فيها: أيها السلطان المغرور! اني لم أبعثك لتجمع الأموال بعضها الى بعض, ولكن بعثتك لتردّ على دعوة
المظلوم, فاني لا أردّها ولو كانت من كافر
وكان فيها: على العاقل مالم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه, وساعة يتفكر في صنع الله تعالى, وساعة يحدث فيها نفسه, وساعة يخلو بذي الجلال والاكرام, وان تلك الساعة عون له على تلك الساعات
وكان فيها: على العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله: ألا يكون مظاعنا الا في ثلاث: تزوّد لمعاد, ومثونة لمعاش, ولذة في غير محرم
وكان فيها: على العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله: ان يكون بصيرا لزمانه, مقبلا على شأنه, حافظا للسانه
ومن حسب الكلام من عمله يوشك أن يقل الكلام الا فيما يعنيه.. قلت: بأبي وأمي أنت يا رسول الله! فما كان في صحف موسى عليه السلام؟ قال عليه الصلاة والسلام: كانت عبرا كلها, كان فيها: عجبا لمن أيقن بالنار كيف يضحك, وعجبا لمن أيقن بالموت كيف يفرح, وعجبا لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها وهو يطمئن اليها, وعجبا لمن أيقن بالقدر ثم هو يغضب, وعجبا لمن أيقن بالحساب غدا وهو لا يعمل
قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! هل بقي مما كان في صحفهما شيء؟ قال عليه الصلاة والسلام: نعم يا أبا ذر! قد أفلح من تزكى* وذكر اسم ربه فصلى* بل تؤثرون الحياة الدنيا* والآخرة خير وأبقى* انّ هذا لفي الصحف الاولى* صحف ابراهيم وموسى
قلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله! أوصني؟ قال عليه الصلاة والسلام: أوصيك بتقوى الله, فانه رأس أمرك كله, قلت زدني يا رسول الله! قال عليه الصلاة والسلام: عليك بالجهاد فانه رهبانية المؤمنين... قلت: زدني يا رسول الله! قال عليه الصلاة والسلام: عليك بالصمت فانه مطردة الشياطين عنك, وعون لك على أمر دينك, قلت: زدني يا رسول الله! قال عليه الصلاة والسلام: قل الحق ولو كان مرا, قلت: زدني يا رسول الله! قال عليه الصلاة والسلام: لا تأخذك في الله لومة لائم..قلت زدني يا رسول الله! قال: بحسب امريء من الشر ما يجهل من نفسه, ويتكلف مالا يعنيه, يا أبا ذر! لا عقل كالتدبير, ولا ورع كالكف , ولا حسب كحسن الخلق
والله تعالى أعلم