الإدمان على الكحول.. من تشمع الكبد إلى السرطان !
تؤدي الكحول الى مشاكل صحية عديدة كتشمّع الكبد، وأمراض القلب، وقرحة المعدة، والتهاب الرئة، وسرطان القناة الهضمية. وللكحول علاقة مباشرة بالقلب والأوعية الدموية، عن طريق ضمور أنسجة عضلة القلب. وهذا بالتالي يُضعف عضلة القلب، لأنّ خلايا هذه العضلة تمتلىء بالسائل وتتكوّن طبقة شحمية حول القلب. وإن الإكثار من تناول الكحول يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب التاجية، ويُقلل من سُكّر الدم، ويخلق نقصاً في الفيتامين والبروتين، ويُشوّش مجموع العمليات المُتصلة ببناء البروتوبلازما في المعادن. كما أنه يزيد ضغط الدم عن طريق رفع مستويات الدهون فيه. إن القلب هو الأكثر تضرراً من احتساء الخمر. ويُؤدي الإفراط في احتساء المسكرات إلى قصور القلب الذي يُؤدي إلى احتقان الدم داخل أوعية الرئة وفي أجزاء أخرى من الجسم. كما يُسبب فقر الدم وخللاً في الاستجابة المناعية.
والكحول تُنقِص من مقدرة القلب على العمل بفعالية. كما دلَّت بعض الدراسات على أن الكحول تؤثر سلباً في انقباضات الجزء من القلب المسؤول عن ضخ الدم إلى كافة أنحاء الجسم، ما يُؤدي إلى عدم انتظام دقات القلب. كما تسبّب اختلالا وظيفيا في القلب وعضلته، وتجعل ضربات القلب غير مُنتظمة، وتسبب ارتفاعا في ضغط الدم، والموت بمرض القلب.
وللكحول علاقة بالجهاز العصبي المركزي، وهي تؤثّر وبشكل جوهري في تركيب الجهاز العصبي المركزي وعمله. وتوجّه سهامها الكثيفة إلى الدماغ، فتغيّر وظائفه الكيميائية والكهربائية، وتغيّر المواصفات السلوكية والهيكلية فيه. وإنّ عامل الإدمان الموجود في الكحول يؤثر في الجهاز العصبي، مثل المورفين والمخدر. كل وظائف الجسم تتطلب تواصلا بين الخلايا العصبية في الدماغ، كما أن كافة الوحدات العصبية في الدماغ مُرتبطة بمئات الأعصاب المُتاخمة.
وتؤكد دوائر الصحة أن الجهاز العصبي المركزي، والذي يشمل الدماغ، هو أول جزء في الجسم يتأثر بأخطار الكحول، كما يُسبب الإدمان على الكحول الخلل في أكثر من ناحية من وظائف الدماغ، كالانحطاط الفكري، والهرم المُبكر للنظر، والنقص في فيتامين «ب». كما يؤثر تعاطي الكحول سلباً في الجهاز الهضمي الذي يمتصّ معظم الكحول التي نشربها عبر جدران المعدة والأمعاء إلى مجرى الدم. ما يؤدي الى إثارة المعدة وتسبّب زيادة ملحوظة في القرحة، وإبطاء الهضم والدورة الدموية، والزيادة من الإمساك أو الإسهال. وتسبّب الكحول بقرحة هضمية، وحُرقة مُزمنة، وانحسار المعدة وتآكُلها.. وعندما يحتسي المرء الخمر تبدأ كريات الدم الحمراء بالالتصاق معاً، ما يجعلها غير قادرة على التقاط الأوكسجين وتوزيعه إلى كافة أنحاء الجسم. ومن دون الأوكسجين تموت الخلايا. وهذا وضع خطير بالنسبة الى الدماغ، فإذا ماتت خلاياه لن يتم تجديدها أو استبدالها على الإطلاق. إنّ خلية الدماغ إذا حُرِمضت الأوكسجين من ثلاث إلى خمس دقائق سوف تُوقف عملها الطبيعي. وإذا كان حرمان الأوكسجين للخلية كاملاً واستمر من 15 الى 20 دقيقة، فإنّ التلف يُصبح دائماً، فتموت خلية الدماغ. والإفراط في شرب الخمر يزيد من مشكلة تلف الخلايا في الدماغ، ومعها تبدأ المشاكل، مثل: الشيخوخة المبكرة، وفقدان الذاكرة، وتدهور الإدراك والمعقولية في الرأي والتصرّف.
وتؤثر الكحول بشكل رئيسي في وظائف الدماغ، عن طريق تقليل إحساس الإنسان بضرره الكبير. والإفراط في احتساء الخمر ينتج عنه تشمّع الكبد الذي له علاقة بسرطانه. إن معدل الوفيات من تليّف الكبد هي عشرة أضعاف بين المدمنين على الخمر وما يُقارب 25 في المئة من حالات التهاب البنكرياس المُزمن. والسبب وراء آلام هذه الأمراض هو مُشكلة الكحول، لأنها لا تبقى طويلاً في المعدة بعد احتسائها، بل تتوزّع إلى جميع أنحاء الجسم. ولأنها سامّة فإن الجسم يبدأ بالتخلص منها. ويتولّى الكبد مسؤولية التخلص من الكحول، فتجزّأ كيميائياً إلى أجزاء مُناسبة يستطيع الجسم التخلص منها بطريقة طبيعية. ومع استمرار احتساء الخمر، يُصاب الكبد بالتلف، حيث أن الأنسجة الخلوية في الكبد تُستبدل بنوعٍ من النسيج الليفي. وينتج عن هذه الحالة مرض تشمّع الكبد أو تليّفه. وقد يكون الكبد أكثر الأعضاء تأثراً، حيث أنّ احتساء الخمر يزيد من مخاطر الدهون في الكبد والتهابه.