والتحدث أثناء النوم، قد يكون اضطرابا قائما بذاته أو مصاحبا لاضطرابات أخرى تحدث أثناء النوم، مثل نوبات الفزع الليلي (night terrors) أو الاضطراب السلوكي المصاحب لحركة العين السريعة أثناء النوم (REM – SBD) أو متلازمة توقف التنفس (Sleep apnea syndrome).
* الاضطراب القائم بذاته. التحدث أثناء النوم غير المصحوب باضطرابات أخرى للنوم، يمكن أن يحدث في أي مرحلة من مراحل النوم؛ لكنه يحدث بصورة أكبر في مراحل النوم غير العميقة التي لا تحدث فيها الأحلام. ويلعب العامل الوراثي دورا مهما في حدوثه، حيث ينتشر بين عائلات معينة دون غيرها، ويحدث عادة نتيجة إصابة الشخص بالحمى والمرض والإجهاد، وعادة ما يكون مصحوبا بكلام غير مفهوم ولا يصاحبه تعبيرات محددة للوجه أو الجسم، وعادة لا يتذكر المصاب أنه تحدث أثناء النوم.
وعادة ما يكون اضطراب التحدث أثناء النوم حميدا ولا يمثل أي خطورة على الشخص، سوى إنه يتسبب في إزعاج من يشاركونه غرفة النوم أو الفراش؛ لكن ينصح بالاستشارة الطبية المتخصصة في حال تكرار الاضطراب بصورة مزعجة لشريك الغرفة أو الفراش أو يتسبب في اضطراب النوم بصورة ملحوظة، أو إذا كانت نبرة الكلام حادة تعبر عن أحاسيس انفعالية أو مصحوبة بكثرة الحركة والصراخ ونوبات من الفزع أو مصحوبة بالشخير أو توقف التنفس أثناء النوم.
وللتشخيص السليم يحتاج الطبيب إلى وصف دقيق للمصاب من شريك الفراش أو شريك الغرفة، لأن المصاب عادة لا يدرك أنه تحدث أثناء النوم، كما يمكن للطبيب إجراء دراسة للنوم لمراقبة تنفس المصاب أثناء النوم مع وضع كاميرا وميكروفون لتحديد وقت حدوث نوبة الكلام وتسجيل الانفعالات والحركات والأحاديث الصادرة منه أثناء النوم.
والغالبية العظمى من المصابين باضطراب التحدث أثناء النوم، لا يحتاجون إلى العلاج؛ لكن يجب معالجة الحالات المصحوبة باضطرابات أخرى للنوم، مثل نوبات الفزع الليلي أو الاضطراب السلوكي المصاحب لحركة العين السريعة أو توقف التنفس أثناء النوم.
الفزع الليلي
* نوبات الفزع الليلي (رعب النوم). من اضطرابات النوم الشائعة بين الأطفال، وهو يختفي عادة مع البلوغ مع احتمال حدوث بعض النوبات العرضية خلال السنوات الأولى من المراهقة التي تحصل على هيئة نوبات مفاجئة بعد مرور نحو ساعة من الاستغراق في النوم، فيستيقظ الطفل عيناه مفتوحتان متحفزا شاحب اللون مصابا بحالة من الخوف والتحدث والصراخ، يعاني من العرق البارد الغزير مع زيادة ضربات القلب والتنفس اللاهث والتشنج العضلي، ويعاني الطفل أثناء النوبة من انخفاض مستوى الاستجابة للمحيطين به لمحاولة تهدئته.
وأغلب النوبات تستغرق نحو دقيقة وقد تستمر لنحو نصف الساعة يعود بعدها الطفل إلى النوم، وفي أغلب الحالات لا يستطيع تذكر الأحداث أو سبب واضح لخوفه عند الاستيقاظ في الصباح؛ إلا أنه إذا استيقظ خلال النوبة قد يتذكر بعض الأحداث.
ومن الأسباب المهمة لنوبات رعب النوم عند الأطفال، الأحلام المزعجة وسماع القصص المرعبة أو مشاهدة أفلام الإثارة قبل النوم وشعور الطفل بعدم الأمان، نتيجة للخلافات الأسرية بالإضافة إلى عادات النوم السيئة، مثل النوم متأخرا أو النوم وسط جو من الضجيج الشديد والإكثار من تناول المياه الغازية في ساعات متأخرة من النهار، كما تزيد حالات الحمى والقلق والاكتئاب وتناول بعض الأدوية المؤثرة على الجهاز العصبي المركزي من فرص الاستعداد لحدوث النوبات.
وقد يصاب البالغون بنوبات رعب النوم نتيجة لبعض الحالات المرضية مثل، إصابات الرأس واضطرابات الغدة الدرقية والاكتئاب وفصام الشخصية وإدمان الكحول والمخدرات، كما تحدث نتيجة التخمة وامتلاء المعدة قبل النوم وقبل الدورة الشهرية لدى بعض النساء وكثرة الانتقالات والتغيرات الحياتية والتوتر والقلق.
وينصح باستشارة الطبيب في حالة تكرار نوبات الفزع الليلي لأكثر من 3 أشهر أو إذا كانت النوبات عنيفة تتسبب في إيذاء الطفل أو تكرار النوبات بصورة تؤثر على نوم الطفل أو تسبب انزعاجا للمحيطين أو في حالة الاشتباه في إصابة الطفل باضطراب آخر للنوم أو نوبات صرع.
وللتشخيص يقوم الطبيب بفحص التاريخ المرضي والعائلي للطفل وإجراء الفحوصات الطبية لاستبعاد الأسباب العضوية وعمل تخطيط كهربي للمخ وإجراء تحليل أو دراسة للنوم، وقد يحتاج إلى إجراء أشعة مقطعية أو رنين مغناطيسي على المخ.
ولا يوجد علاج محدد لحالات رعب النوم؛ بل يجب طمأنة الأبوين أن نوبات رعب النوم لا تمثل أي خطر على الطفل ولا تدل على إصابته بمرض عقلي خطير؛ بل هي مرحلة من مراحل التطور الطبيعي، وقد يلجأ الطبيب إلى وصف بعض العقاقير بصفة مؤقتة للإقلال من تكرار النوبات، كما يمكن تحديد موعد نوبة رعب النوم وإيقاظ الطفل قبل موعدها بنحو 15 دقيقة، والإبقاء على استيقاظ الطفل لمدة 5 دقائق ومحاولة إلهائه بأي طريقة.
اضطرابات مرحلة الأحلام
* الاضطراب المصاحب لحركة العين السريعة أحد اضطرابات النوم التي وصفت حديثا، فقد تم تشخيص أول حالة عام 1986، يصيب نحو 1 في المائة من الأفراد في الأعمار المختلفة، ويصيب الرجال أكثر من النساء. ومرحلة حركة العين السريعة، إحدى مراحل النوم، تحدث فيها الأحلام وتتميز بنشاط كهربائي عال للمخ.
وقد تزود جسم الإنسان بآلية تحميه من تنفيذ الحركات التي تحدث لنا أثناء الحلم وهي ارتخاء عضلات الجسم، ما عدا عضلة الحجاب الحاجز، حتى يستطيع النائم التنفس والحفاظ على مستوى الأكسجين في الدم، فإذا كان حلم النائم مليئا بالحركة فإن هذه الآلية تضمن له بقاءه في فراشه دون حراك. وتنتهي آلية ارتخاء العضلات بمجرد انتقال النائم إلى مرحلة أخرى من مراحل النوم أو الاستيقاظ؛ إلا أنه في بعض الحالات لا تعمل هذه الآلية بالصورة المطلوبة، فيقوم النائم بتنفيذ الحركات التي يراها أثناء الحلم.
وتتفاوت هذه الحركات ما بين ركل وحديث وصراخ يعبر عن أحاسيس انفعالية إلى حركات عنيفة، قد تؤدي إلى حدوث إصابات للنائم أو من يشاركه الفراش، وعادة ما يتذكر الشخص تفاصيل الحلم عند إيقاظه ويستعيد إدراكه مباشرة، بعكس المصابين باضطراب المشي أثناء النوم أو اضطراب رعب النوم أو الصرع حيث لا يتذكر المريض ما حدث ولا يستعيد إدراكه مباشرة حال إيقاظه.
وترتفع مخاطر الإصابة بالاضطراب السلوكي المصاحب لحركة العين السريعة بين الرجال فوق سن الـ50 ومدمني الكحول ومرضى الشلل الرعاش أو جلطات الدماغ أو النوم القهري أو نتيجة لإصابات الرأس الشديدة أو تناول بعض العقاقير النفسية ومضادات الاكتئاب أو التوقف المفاجئ عن تناول الكحول.
ويتم التشخيص من خلال إجراء دراسة ليلية للنوم مع مراقبة المريض بواسطة الفيديو لاستبعاد الاضطرابات المشابهة مثل الصرع أو المشي أثناء النوم، ويستجيب المرضى عادة للعلاج بأحد العقاقير التي تستخدم لهذه المشكلة، وتكون الاستجابة جيدة وسريعة، كما ينصح المرضى بتجنب الإجهاد والتوتر قبل النوم وإبعاد الآلات الحادة عن غرفة النوم، كما ينصح أيضا بعدم النوم على أسرّة مرتفعة، وينصح من يشارك المريض فراشه أو الغرفة ضرورة توخي الحذر حتى يتم العلاج.
* استشاري الجهاز الهضمي والكبد والتغذية العلاجية في كلية الطب بجامعة القاهرة